لماذا تحتاج الدول الإحدى عشرة التي تعتمد على مياه نهر النيل إلى ‏التوصل إلى اتفاق حول النهر قريبًا

اتفاق حول النهر 


27 أغسطس 2017, 11:56 صباحاً بتوقيت جنوب أفريقيا
بقلم, ريتشارد كايل بيزلي
 
يعتمد أكثر من 300 مليون شخص على مياه نهر النيل. ويحتوي حوض نهر النيل على أكثر من 10٪ من مساحة اليابسة في أفريقيا وتتوزع على 11 بلداً: إثيوبيا والسودان وجنوب السودان ومصر ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإريتريا وكينيا. وتعتمد الكثير من هذه البلدان على مياه نهر النيل مصدراً للمياه العذبة.
 
ومن المتوقع أن يرتفع معدل الطلب على المياه في جميع أنحاء المنطقة. ويعود ذلك إلى ارتفاع عدد السكان بالإضافة إلى المبادرات الطموحة، وخاصة في مصر وإثيوبيا، التي تخطط لتطوير الطاقة الكهرومائية.

ولم تكن الحاجة إلى الإدارة التعاونية المستدامة للمياه العابرة للحدود وما يتصل بها من موارد دول الحوض أكثر إلحاحاً.

ويعد النيل واحداً من أكثر من 260 من "أحواض الصرف الدولية" في جميع أنحاء العالم حيث يتم تقاسم المياه، والموارد ذات الصلة، بين دولتين أو أكثر من الدول القومية.
 
 ومن الناحية التاريخية، كان التنافس على هذه الموارد النادرة مصدراً للاحتكاك وكذلك حافزاً للسلام، حيث يحث الدول على العمل معاً. وتشمل الأمثلة المختلفة، غير أنها ناجحة، لتحويل الخصوم إلى شركاء: معاهدة مياه نهر السند بين الهند وباكستان، التي نجت ثلاثة حروب، ومعاهدة نهر السنغال التي تتقاسم فيها أربعة بلدان ملكية مشتركة للبنية التحتية ذات الصلة بالمياه. وفي هذه الأمثلة، كان مفتاح النجاح هوإيجاد سبيل للمساواة في تقاسم المياه الدولية.
 
المنطقة الرمادية

وتقتضي اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻷﻣـﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺸﺄن ﻗﺎﻧﻮن اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺠﺎري اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ أن تشارك كل الدول التي تتقاسم حوض صرف دولي في استخدامه وتطويره وحمايته. ولكن هناك منطقة رمادية, حيث تترك الاتفاقية الحرية للدول للتفاوض معاً بشأن ما تعتبره منصفاً وعادلاً.

ولم يتم التوصل إلى اتفاق شامل بين جميع الدول الإحدى عشرة حتى الآن على الرغم من الجهود المتضافرة المبذولة في العقود الماضية. وفي الوقت نفسه، استمرار حالة التوتر بين مصر وإثيوبيا.

ويمكن القول إن مصر والسودان هما الدولتان الأكثر اعتماداً على حوض نهر النيل. ويعتبر النيل المصدر الحقيقي الوحيد للمياه العذبة في مصر. ويعيش الغالبية العظمى من سكان مصر المتزايدون في وادي النيل وجميعهم تقريبًا من المزارعين الذين يعتمدون على المياه لزراعة المحاصيل. ومع ذلك فإن أكثر من 80٪ من المياه التي تصل إلى مصر تأتي من النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا.

كما أن معدل النمو السكاني في إثيوبيا يساوي أو يزيد عن معدل النمو السكانى في مصر، مما يخلق حاجة ماسة متساوية للمياه من أجل زيادة إنتاج الغذاء.

ولم يعد ممكناً المبالغة في الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لتقاسم منافع  حوض النيل على نحو معقول ومنصف. وبعيداً عن الحاجة إلى إدارة هذا المورد الثمين بعناية، فإن عملية الوصول إلى اتفاقية للتعاون من شأنها أن تخلق جواً من الاستقرار والشفافية في الدول التي تعتمد على حوض النيل. ومن شأن ذلك توسيع المشاركة السياسية وبناء الاستقرار السياسي ونشر الثقة بين الدول. وهذا أمر هام، فمن المرجح أن يستمر الاحتكاك بالتزايد مع مواجهة النيل لتحديات جديدة.


تحديات جديدة

وتشير الأدلة الجديدة إلى أن الوضع السياسي والإيكولوجي في حوض النيل أصبح أكثر هشاشة.

ويبدو أن جودة المياه تزداد سوءاً، كما تتزايد القضايا حول كمية المياه، ويبدو أن المحاصيل الزراعية تتناقص. وتتفاقم هذه التحديات بسبب قرب اكتمال بناء السدود المختلفة على النيل الأزرق والنيل الأبيض. وأكبرها هو سد النهضة الكبرى في إثيوبيا.

وهناك أيضًا مخاوف جديدة متزايدة بشأن التأثير المحتمل لتغير المناخ على حوض نهر النيل. وتشير الدراسات الحديثة إلى سيناريوهين متناقضين يتطلبان استراتيجيات تكيف عكسية تمامًا: أحدهما يتنبأ بالفيضانات وزيادة الجريان السطحي، والأخر يتنبأ بندرة المياه، والجفاف المحتمل.

وتشير دراسة واحدة على الأقل إلى أن زيادة درجات الحرارة العالمية قد تسبب المزيد من التبخر، مما يؤدي إلى ندرة أكبر في المياه. وتشير دراسة أخرى إلى أن زيادة التبخر في مصر سيؤدي إلى زيادة هطول الأمطار في المرتفعات الإثيوبية. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الجريان السطحي في مصر، مما قد يسبب الفيضانات.

ومما يزيد من حدة هذه الشكوك أن معظم دول الأمة التي تتقاسم حوض النيل من المرجح أن تتزايد بها "ندرة المياه" بحلول عام 2050. ويرجع ذلك إلى تغير المناخ وزيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني.

وبالإضافة لتلك التحديات، لا تزال العديد من دول النيل، وخاصة مصر وإثيوبيا، لديها خطط طموحة لاستخدام المزيد من المياه، فضلا عن تطوير مشاريع الطاقة الكهرومائية على طول نهر النيل.

فعلى سبيل المثال, بدأت مصر بمشروع الوادي الجديد. والذي يهدف إلى إعادة توجيه ما يقرب من 4.94 مليار متر مكعب من المياه لإنشاء والحفاظ على منطقة سكنية جذابة وصالحة للسكن في الصحراء الغربية.

وتؤكد هذه التطورات الحاجة إلى النجاح في تصميم المؤسسات والأطر القانونية، باستخدام الإدارة التكيفية، للموارد المائية المشتركة. فالإدارة التكيفية هي عملية تهدف إلى تقليل الشكوك مع مرور الوقت من خلال مراقبة النظام.
 
 التقدم إلى الأمام

لا يوجد نهج "أحادي النمط" لكل هذه التحديات. ولكن ما يتضح هو أن يمكن لمثل هذه الاتفاقيات أن تحمي البيئة وتساعد على استقرار الأمن بها وتعزيزه على المستوى الإقليمي.

لقد حان الوقت الآن للتعاون جميع الدول الإحدى عشرة المشاركة في النيل مع مجتمع التنمية الدولي. كما يجب عليهم أن يضاعفوا جهودهم من أجل إبرام اتفاقية تعاونية واسعة النطاق بين دول حوض النيل, بالإضافة إلى تشكيل لجنة حوض النيل. وقد لا يكون هذا حلاً سحريا لكل ما تعاني منه دول حوض النيل. ومع ذلك، من شأن هذه المبادرات أن تحث المنطقة على إنشاء منظمة حوض النهر الناشئة والتي يمكنها في نهاية المطاف أن تصل إلى حلول لإدارة المياه والطاقة.

الرابط مصدر المقال

Aya Ahmed

Aya Ahmed

مترجمين المقال