الحد من إنتاج النفايات ممكن .. وإليكم الطريقة..!

بالنظر إلى استهلاكنا المتزايد للموارد، وخاصةً المواد الخام، وتزايد إنتاج النفايات في أستراليا، فقد حان الوقت لطرح السؤال التالي: ما هي أفضل الطرق لتشجيع استرداد الموارد وإعادة التدوير لتقليل كمية النفايات إلى "الصفر "؟

يعتبر مشروع حاويات إعادة التدوير في جنوب أستراليا مشروعاً ناجحاُ، حيث حصل مشروع إعادة تدوير الزجاجات على أعلى المعدلات. ويبقى السؤال هو: ما إذا كنا نستطيع أن نقلل كمية النفايات إلى الصفر من خلال عملية إعادة التدوير فقط
؟
تشير نتائج بحثنا إلى أننا لا نستطيع أن نجعل مجتمعنا خالٍ من النفايات عن طريق عملية إعادة التدوير وحدها، بل ينبغي التركيز على عدم إنتاج النفايات من الأساس. لذلك علينا التفكير في طرق تصميم وبناء المباني والمنتجات ليسهل علينا إعادة استخدامها أو تفكيكها عند التوقف عن استعمالها.

ومن الأمثلة على تحويل المخلفات بقطاع الإنشاءات، إزالة كافة النفايات الناجمة عن عمليات القص والقطع بالآلات وإبعادها عن الموقع، بحيث يؤول إنتاج المخلفات إلى الصفر تقريباً، ويسهل استرجاع المواد والقِطَع وعناصر البناء التي يمكن إعادة استخدامها بسهولة عند هدم المبنى.


كيف نتوقف عن إنتاج النفايات؟
من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فإن إنتاج النفايات يعد أمراً سيئاً لأنه مضيعة للمواد المدفوع ثمنها. فالكميات الكبيرة من النفايات تخص مجموعة الموردين الذين يكسبون المال من الاستهلاك الزائد عن اللازم ولنفس العملاء. وفي نموذج اقتصادي مستقبلي، سيحتاج هؤلاء الموردون إلى البحث عن نموذج أعمال أفضل.

لسوء الحظ، فإن عكس أنظمة الأعمال وممارسات التصنيع القائمة والمتبعة ليست عملية سريعة أو سهلة أو رخيصة. لذا إذا كان من الممكن أن نبدأ من جديد تخطيط ما ستؤول إليه النفايات، سيكون من الممكن إعادة استغلال المنتج النهائي والطاقة والمواد والوقت المستهلَك في المنتج أو المبنى.

أصبح اليوم موضوع الحد من إنتاج النفايات الأكثر تداولاً في أنظمة بلدية إدارة النفايات الصلبة. وصار رائجاً في أنحاء مختلفة من العالم ويلزم لتحقيقه تغيير الطريقة التي نقوم بها بتصميم وبناء وتشغيل وصيانة وتفكيك وإعادة تدوير المنتجات والمباني والمدن. ببساطة، الحد من إنتاج النفايات يعني عدم وجود نفايات غير الضرورية أو غير مرغوب فيها في المنتج - في أي مرحلة من مراحل دورة حياته. وهذا الموضوع  له نتائج هائلة، ويتطلب أكثر مما تفرضه الحكومة من خطوات منهجية، فلكي يكون مشروعاً ناجحاً، يجب أن يتبناه وينفذه المواطنون والمجموعات المجتمعية وقطاع الأعمال والصناعة.

ونحن بحاجة رؤية الصورة كاملةً ومواجهة المشكلة الحقيقية. فلا يمكن أن يكون هناك نمو متواصل واستهلاك لانهائي على كوكب موارده محدودة. و يبين مشروع آني ليونارد “The story of stuff” رسالة قوية عن الاستهلاك والنفايات، في حين بول هوكن ومايكل برونغارت يدرسون نظرية الحد من إنتاج النفايات وتغيير السلوكيات، في محاولة لتغيير مجتمعنا الذي يلقي القمامة. ويشير خبير إدارة النفايات بول كونيت إلى أنه

"خلال القرن العشرين، كان التركيز على إدارة النفايات وكيفية التخلص منها بكفاءة وبأقل قدر ممكن من الضرر على صحتنا والبيئة. وينبغي أن يكون تركيز القرن الحادي والعشرين على إدارة الموارد واستدامتها للأجيال المقبلة. ولذلك فإن المشكلة الحقيقية هي مواجهة كل فرد لما يستهلكه."

عملية إعادة التدوير تساعد فقط الذين يودون القيام بها
تقدم وسائل الإعلام غالباً، تقريراً عن معدلات عملية إعادة التدوير؛ والقصص المبسطة التي لا تتحدى القراء بإعادة التفكير في استهلاكهم وإنتاج النفايات، بدلاً من الحديث عن الاستهلاك نفسه. فعلى سبيل المثال، ذكرت فيرفاكس ميديا " Fairfax Media" في الرابع عشر من شباط عام 2012 أن عملية إعادة التدوير لم تجرِ كما كان متوقعاً، وتحديداً المشاركة في عملية إعادة تدوير الزجاجات كانت أقل من المتوقع (فالمعدل الرسمي لحاويات إعادة تدوير المشروبات في أستراليا هو 52%، في حين أن المجموعات البيئية تتنازع عليه وتضع الرقم 38%).

وتم طرح نقاش مستمر تدريجياً في فيكتوريا، حول ما إذا كان مشروع استرجاع نقود الزجاجات مقابل إعادة تدويرها سينجح أم لا. (فعملياً اقترحت شركات التعبئة "وضع المزيد من الصناديق" سيزيد معدلات إعادة التدوير). وهذا الأمر مفهوم ويساعد قليلاً لكنه لا يتناسب مع المشكلة الحقيقة وأهميتها. فما يحفز الناس على القيام بعملية إعادة التدوير هو الآن أحد الاهتمامات الأساسية لأبحاث إدارة النفايات. فإلقاء نظرة سريعة على قضايا إعادة التدوير في جنوب أستراليا يوضح الصورة بشكل أوسع.

تعد قوانين وضع الحاويات من أهم سياسات إعادة التدوير الناجحة التي تم نصها عام 1977 في جنوب أستراليا. وليتم ذلك، يجب تحديد الأهداف والتأكد من تحقيقها. فوٍفقاً لوكالة حماية البيئة، بلغت نسبة إعادة تدوير العلب والزجاجات البلاستيكية 80.4% عام 2009-2010، ولزيادة هذا المعدل، تضاعفت قيمة إعادة تعبئة الزجاجات إلى 10 سنتات في عام 2008, وبشكلِ عام ارتفعت نسبة القيام بعملية إعادة التدوير لأكثر من 10% منذ ذلك الحين. واعتباراً من كانون الثاني عام 2012، اعتمد الإقليم الشمالي نموذجاً لحاويات إعادة تدوير المشروبات. وكشف البحث الحديث الذي أجراه مركزنا حول كيفية تشجيع الناس للقيام بعملية إعادة التدوير أن هناك عدة دوافع للقيام بها، فعلى سبيل المثال، تُعد المصالح الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية أحد هذه الدوافع.  فالمصالح الاقتصادية من أهم الدوافع الإيجابية المباشرة التي زاد على إثرها مع مرور الوقت قيمة استرداد النقود في جنوب أستراليا. بالإضافة إلى ذلك، إن توافر مرافق إعادة التدوير (مثل مراكز وصناديق إعادة التدوير)، والسياسات واللوائح (مثل حظر المدافن، ووضع رسوم على مدافن النفايات)، والعوامل الاجتماعية والثقافية (التغير السلوكي) تسهم أيضًا مساهمة كبيرة في الحد من النفايات من خلال عملية إعادة التدوير.
الحد من إنتاج النفايات ممكن .. وإليكم الطريقة:
 من الممكن اليوم استخدام التقنيات التكنولوجية لبناء مدينة خالية من النفايات وانبعاث الكربون. والسؤال هو: هل نحن على استعداد للقيام بذلك؟ لذا، سيكون علينا تصميم وإدارة المنتجات والعمليات لتفادي وإزالة الكميات الكبيرة من النفايات والمواد بشكل منهجي، وهذا يعني الفصل بين النمو السكاني الذي ينجم عنه زيادة في الاستهلاك عن استخدام المواد من جهة، وتطوير أفكار وتكنولوجيا جديدة عن وضع مخطط للإنتاج والانتعاش من جهة أخرى.

ومن المتوقع أن يتم إصدار قانون مسؤولية المنتجين الموسعة في أستراليا، والذي يَنُص على أن المنتجين هم مسئولون عن دورة حياة منتجاتهم بأكملها (بعد تاريخ البيع)، وسوف تشمل اتفاقات الاسترجاع والتغييرات في الطريقة التي يمكن بها إعادة تدوير المنتجات الاستهلاكية. ويُعد قانون مسؤولية المنتجين الموسعة واحداً من الاستراتيجيات الرئيسية لزيادة معدلات إعادة التدوير. فمن خلاله يمكن للمنتجين المساهمة في زيادة معدلات إعادة التدوير في كل مرحلة من مراحل تصميم المنتجات والتسويق وتجارة التجزئة وأنظمة إدارة المنتجات النهائية.

فَمِن البداية يجب على أصحاب الصناعة دمج أخلاقيات جديدة في عملهم مثل: الإنتاج النظيف، التعبئة والتغليف التي لا ينجم عنها أي مخلفات. وقد حقق أديلايد وكانبيرا أعلى معدلات التدوير في أستراليا من المكب حيث بلغ معدل 70%.

والسؤال هنا هل من الممكن القيام بعملية إعادة التدوير 100% (أو ما يقربها)؟ الإجابة هي نعم، إذا توقفنا عن إنتاج المنتجات غير القابلة لإعادة التدوير، أو أعدنا تدوير كل منتج نستهلكه. وغالبًا ما تكون المنتجات غير قابلة لإعادة التدوير إذا كانت مركبة من مواد مختلفة، على سبيل المثال المواد المذابة معاً في الدوائر الكهربائية في أجهزة الكمبيوتر وآلات النسخ، وهذا يجعل الجهاز بأكمله صعب إصلاحه أو إعادة تدويره، ويقل الإقبال عليه اقتصادياً (مقارنة مع شراء منتج جديد). ومن واجبنا أن نعمل كمجتمع مَسْؤُول بيئيا بدلًا من مجتمع مفرط في الاستهلاك. ويمكن أن يكون قانون وضع الحاويات والتغييرات السلوكية الشخصية في نظم إعادة التدوير من العوامل المهمة للحد من النفايات. ولكن هناك أيضًا حاجة ماسة للبحوث متعددة التخصصات للحد من النفايات، ولتغيير السلوك وتحسين التصميم الصناعي.

الرابط مصدر المقال

Rana Ali Khalil Hassan

Rana Ali Khalil Hassan

مترجمين المقال
Hiba Ja'afreh

Hiba Ja'afreh

مترجمين المقال