إلى أي مدى تم تطوير استعمالات مصاصة قصب السكر؟

لماذا نستخدم مواد أخرى لصناعة الورق بدلا من الخشب؟
الخشب هو المادة الخام الأساسية المستخدمة لصناعة لباب الورق، لكن التزامن بين التضاؤل في موارد الغابات وبين المطالب المتزايدة في صناعة الورق قد أجبر القطاع على اللجوء إلى مصادر أخرى للمواد الخام مثل قش البقوليات والبوص والبامبو ومصاصة قصب السكر، فتستخدم هذه المخلفات المتبقية بعد سحق السيقان كمصدر للألياف المستخدمة في صنع الورق في البلدان المنتجة (في أمريكا الجنوبية والهند على سبيل المثال ، حيث تمثلان 20٪ من إنتاج الورق)، وجدير بالذكر أن صناعة الورق تستوعب 10٪ من إنتاج تفل القصب عالميا كما تقدم هذه المواد العديد من المزايا منها النمو السريع لنبات قصب السكر ورواج الزراعة بالإضافة إلى تخفيض القدر المطلوب من الطاقة والمبيِّضات الكيماوية اللازمة لعملية تكرير السيقان، وتعتبر هذه العملية أيضاً وسيلة ملائمة للتخلص المفيد من الكميات الهائلة من نفايات تكرير السكر، حيث أن الطن الواحد من السكر المكرر يُخْلِف طنين من مصاصة قصب السكر، ومع ذلك، فمهما كانت المادة الخام المستخدمة فإن لباب الورق يجب أن يخضع لمراحل معالجة لإزالة اللجنين وللتبييض ومن ثمَّ تحويله إلى ورق قوي ومتين، لذا لا يزال استخدم الكلور قائماً في العمليات الكيميائية من قِبَل بعض البلدان مما يشكل خطراً على كلٍّ من الصحة والبيئة.


كيف يتم إعداد مصاصة قصب السكر لصناعة الورق؟

قام بعض علماء الأبحاث من معهدي IRD و INRA بدراسة حل بديل ذي أساس بيولوجي، حيث تمكنوا باستخدام التجارب المعملية من تطوير عملية غير مسببة للتلوث وفي نفس الوقت تنتج إنزيم اللاكّاز (laccase) الذي يعمل على تحلل اللِّجنين عن طريق زراعة فطريات خيطية، وقد أثبتت هذه التجربة فعاليتها في إعادة تدوير مصاصة قصب السكر، ويكمن المبدأ الذي قامت عليه هذه التجربة في الخصائص الأيضية المميزة لفطر Pycnoporus cinnabarinus الذي يفرز إنزيم اللاكّاز بشكل طبيعي فيعمل هذا الإنزيم على تكسير اللجنين في ألياف المصاصة المستخدم كركيزة في هذه التجارب ومن ثمّ تحويل هذه المخلفات إلى لباب الورق بعد عملية التنقية الآلية وبالتالي يصبح لباب الورق الناتج مبيَّضاً عندما يختفي اللجنين تدريجياً، ومن الممكن أن يستخدم هذا اللباب في صناعة الورق المقوى (الكرتون) لكن عليه أن يخضع أولاً لمعالجة إضافية باستخدام بيروكسيد الهيدروجين (H2o2) وبهذا يصبح جاهزاً للطباعة والكتابة عليه.

يصنِّع فطر P. cinnabarinus كميات صغيرة من إنزيم اللاكّازعندما ينمو على تفل (بقايا) قصب السكر، لذا فمن الضروري إضافة عوامل متطايرة مثل الإيثانول من أجل زيادة إنتاج الإنزيم في ظل هذه الظروف، وقد تم اختيار الإيثانول كمحفز لإنتاج اللاكّاز بناءً على عدة أسباب منها وفرته وقلَّة سميته بجانب انخفاض تكلفة انتاجِه، علاوة على ذلك، أظهر فريق البحث أنه إذا تم إدخال الإيثانول للنظام عن طريق الحمل الحراري القسري بمعدل 7 جرام من الإيثانول لكل متر مكعب (تركيز يعادل 3° من الكحول في الطور السائل) فإن إنتاج إنزيم اللّاكّاز يزيد حتى يصل إلى أقصى مستوياته (90 وحدة لكل جرام من دعامة تفل القصب الجافة)، وتمثل هذه الكميات 45 ضعف ما يتم الحصول عليه بدون استخدام الإيثانول، ومن ناحية أخرى، يبدو أن الفطر لا يستهلك إلا القليل من الإيثانول وربما لا يتناول شيئاً منه على الإطلاق وذلك لأنه يفضل الحصول على الكربون من مصادر أخرى مثل الناتج من مصاصة القصب (السكروز) أو المُقْحَم في الركائز (مستخلص المولتوز والخميرة وما إلى ذلك)، وبالتالي يمكن إعادة تدويره بالطريقة المتبعة أو التخلص منه بطريقة أخرى مرتبطة بها، وقد أكَّد تكرار تجارب التخمير على نطاق أكبر في مفاعل حيوي سعته 18 لترًا الفاعلية الإنتاجية لإنزيم اللاكّاز الذي تم الحصول عليه باستخدام مصاصة القصب والإيثانول (الكمية المطلوبة للمعالجة هي 90000 وحدة لكل كيلوغرام من التفل الجاف بعد 30 يومًا بدون أي مدخلات من الفطريات و4 كيلو جرام إضافية من مصاصة قصب السكر)، وتوفرهذه العمليات الحيوية 50٪ من استهلاك الطاقة اللازمة لتكرير لباب الورق مقارنةً بالكمية المُثْبَتة التي استخدمت لتصنيع لباب الورق من مصاصة القصب بدون المعالجة الحيوية، وقد ظهرت فائدة أخرى أيضاً على شكل تحسن 35٪ من الخصائص الميكانيكية للورقة مثل قوة الشد والمقاوَمة للتمزق دون فقدان ملموس من المواد.

فوائد عملية التبييض الحيوية
تؤكد النتائج ككل على إمكانية تطبيق هذه المعالجة الحيوية في صناعة الورق، وقد أتاح استرجاع إنزيم اللاكّاز في نهاية الدورة بعد غسل وضغط تفل قصب السكر معالجة كميات إضافية من الركيزة (substrate) مما أدى إلى زيادة أرباح العملية، بالإضافة إلى أنه يمكن تعديل هذه العملية لاستخدامها لمعالجة مواد خام أخرى (الخشب والحبوب)، كما يمكن تصور استخدام الإيثانول كمحفز لإنزيم اللاكّاز على أنه طريقة لإعادة تدوير أحد مسببات التلوث الرئيسية الناتجة من صناعة الورق.

مراجعة:سارة سامي


الرابط مصدر المقال

ياسر حامد

ياسر حامد

مترجمين المقال