هل حقاً تصب عمليات إعادة تدوير الورق في مصلحة البيئة؟

لسنوات عديدة أقدم الأفراد من المستهلكين والشركات والحكومات على شراء ورق مصنوع من نسيج مُعاد تدويره ذا محتوى عالي الجودة للطباعة والكتابة. 
والسبب؟ لأنهم آمنوا بأن هذا هو أكثر الأفعال مسؤولية وغير ضار بالبيئة يُمكن القيام به. ولكن هل حقاً يُمكن اعتباره غير ضار بالبيئة؟

عادةً ما يتم استخلاص النسيج الذي يُستخدم في صناعة الورق والتغليفات الورقية من خشب الأشجار، وتُساهم بعض المصادر الأخرى بشيءٍ ضئيل كقصب السكر والقش.

وفي الآونة الأخيرة يتم استخدام مخلفات الأوراق أيضاً كمصدر لاستخراج النسيج المُستخدم في صناعة الورق. ويتم معالجة هذه الأوراق المُعاد تدويرها لجعل المنتجات الورقية المصنوعة منها أشبه بتلك المصنوعة من الأنسجة الجديدة التي تم استخراجها أول مرة من الأشجار.

وتتم صناعة منتجات القرطاسية من خليط بين الأنسجة المُعاد تدويرها والأنسجة الجديدة، وهذا لتزويد الورق ببريق -حيث إن النسيج الجديد ينتج عنه ورق أكثر بياضاً- بينما تساهم هذه الطريقة أيضاً بتقليل الآثار الضارة بالبيئة. ويميل المُصنعون أيضاً إلى "إعادة خلط" المزيج بناءً على كمية النسيج المُتاح، سواءً كان النسيج المُعاد تدويره أو الجديد.

المنتجات المصنوعة من نسيج معاد تدويره بالكامل عادةً من تكون ذات جودة منخفضة عن التي يدخل في صناعتها نسيج لم يسبق استخدامه. ولكن ماتزال المنتجات المصنوعة من نسيج معاد تدويره فقط ملائمة جداً لمواد القرطاسية. 
الورق الأبيض، في كل مكان..
يتواجد الورق المُعاد تدويره الآن في كل مكان في حياتنا اليومية. ولكن عملية إعادة تدوير الورق وبعد ذلك إعادة استخدام نسيجه ليست بالسهولة التي تبدو عليها.

وفي صناعات الورق المُعاد تدويره، يجب أن يكون الورق المُستخدم في العملية أبيض ومشابه في التركيبة لما سيتم به استخدام الورق المُعاد تدويره. على سبيل المثال، إذا كنت ستستخدم الورق المُعاد تدويره في الآلات الناسخة في المكاتب، إذاً يجب عليك أن تبدأ عملية إعادة التدوير بمخلفات الورق الخارج عن المكاتب.

الصحف والمجلات عادة ما تكون غير مناسبة. بالرغم من أن ورقهم يعد أبيضاً، ولكن هذا "البياض" غالباً ما يكون نتيجة كساء من مسحوق صلصالي، والأنسجة بحد ذاتها يتغير لونها تلقائياً.

(وبشكل عام يتم إعادة تدوير أوراق الصحف لإنتاج أوراق الصحف، ويتم إعادة تدوير ورق الكرتون لصناعة منتجات من نفس ذات اللون، كالأكياس الورقية على سبيل المثال).
 
من أين تأتي الأنسجة؟
لصناعة ورق مُعاد تدويره جيد بما فيه الكفاية ليناسب احتياجات المستهلك يجب على المُصنعين تجميع وفرز ورق أبيض عالي الجودة بما فيه الكفاية. وقد يكون هذا النشاط مكلفاً في الدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة نسبياً مثل أستراليا، فنقل حُزم من مخلفات الأوراق بين المدن يعتبر مكلفاً في دولة بهذا الحجم.

ولكن عندما يرتفع سعر الأنسجة البيضاء الجديدة -جاعلةً الأوراق التي لم يسبق أن دخلت في عمليات إعادة التدوير باهظة الثمن- تصبح جذابةً بشكل أكبر للدفع للتشكيلة المحلية ومعاجلة مخلفات الأوراق البيضاء إلى أنسجة بيضاء مُعاد تدويرها.
في المرة المقبلة التي تتجه فيها إلى متجر للقرطاسية، المنتجات التي تراها على الرفوف مصنوعة من مواد مستوردة -عادةً من جنوب شرق آسيا وشرق آسيا والأميركتين- ومواد محلية على حدٍ سواء. 

هذه المنتجات قد يتم التسويق إليها على أنها مصنوعة من محتوى من عدة طبقات من الأنسجة المُعاد تدويرها تصل إلى 100%. وأي منتجات تحتوي على أنسجة جديدة عادةً ما تتم الإشارة إليها على أنها قادمة من مصدر أخشاب مُستَدام ومضمون الجودة من غابات مُختارة بعناية وأصلية لموطنها بدلاً من الغابات المطيرة في المناطق الاستوائية والغابات ذات الأشجار المُعمّرة الأصلية لموطنها.

ويرجع هذا إلى رغبة المستهلكين في مصادر أوراق ذات استدامة أكبر ومضمونة الجودة بشكل أكثر، ويميلون إلى تجنب الأوراق القادمة من أشجار الغابات المُعمّرة. (المُصادقة على مصدر الورق يتم من خلال هيئة مستقلة مثل مجلس رعاية الغابات). وسيضع الممون مصداقية المنتَج والعلامة التجارية على المحك إذا ما اختار الكذب بشأن مصدر الورق الذي يبيعونه.

ولكن بالطبع، فليس كل الادعاءات خالية من اللبس بشكل كامل، فقد تم رصد بعض الأصناف من أشجار الغابات المطيرة قد دخلت في صناعة أوراق القرطاسية تم استيرادها إلى أستراليا.

ومن الصعب على المستهلكين أن يتأكدوا من أصل الأوراق بشكل مستقل، بل حتى أنه من الصعب على المُختصّين إثبات أصل الأوراق بما لديهم من معامل وتحاليل.

هل هي حقاً أفضل البيئة؟من وجهة نظر "التأثير على البيئة"، استخدام منتجات مصنوعة من أنسجة مُعاد تدويرها أو جديدة بالكامل ليس بخيار لا مفر منه بين البدائل. فمن المنطقي إعادة تدوير الورق (وكذلك استخدام الورق المُعاد تدويره) حيث أمكن، بالرغم من وجود بعض الـ"الغرامات البيئية" أو عقبات صادرة عن منتجات الورق المُعاد تدويرها. تلك العقبات قد تتضمن استخدام وقود المواصلات في تجميع ونقل الأوراق عبر مسافات طويلة.
كما أنه ليس بالإمكان مواصلة إعادة تدوير ما لدينا من الورق إلى الأبد.
يجب أن يتم إدخال الأنسجة الجديدة التي لم يسبق استخدامها إلى العملية في مرحلة ما. وفي المتوسط، يمكن إعادة تدوير النسيج سبع مرات قبل أن تصل إلى مرحلة مُنحطّة لصناعة ورق جديد. وبناءً على هذه الحقيقة الواقعية، يجب ان يتم توفير مؤونة من الأنسجة التي لم يسبق استخدامها للحفاظ على جودة النسيج، وبالتالي جودة الورق أيضاً.

ولحسن الحظ، فإن العمليات الحديثة لاستخراج الأنسجة الجديدة قائمة بذاتها وتعمل بوقود الكتلة الحيوية. وعند صناعة ورق القرطاسية، فإن الغراء الطبيعي المُستخدم في عملية لصق الخشب ببعضه البعض (اللجنين) يتم تذويبه من الخشب وبعد ذلك يتم حرقه لتزويد العملية بالطاقة. وهذه العمليات لها تأثير ضئيل على البيئة، بشرط استخدام مصادر أخشاب موثوقة ويمكن إعادة استخدامها. 

ورق القرطاسية يعتبر جزء فقط من صناعة الأوراق والمُغلفات الورقية، ولكن يقع على المستهلكين اختيار ابتياع سِلع ذات جودة يتضمن محتواها أنسجة مُعاد تدويرها، وفقاً لتفضيلهم للجودة والأثر البيئي وكذلك التكلفة.

يجب على المستهلكين أن يكونوا مدركين بأن الورق المُعاد تدويره يمكن أن يكون -ولكن ليس دائماً- له ميزة بيئية، وأن هذا الامتياز أيضاً قد يكلفهم دفع المزيد. وأنسب احتياط لهذا الموضوع هو شراء ورق تم انتاجه بشكل كلي في أستراليا.

الرابط مصدر المقال

Mohamed Elshamy

Mohamed Elshamy

مترجمين المقال