أكوام من المخلفات تجتاح أفريقيا!

أكوام من المخلفات الإلكترونية المتراكمة في منطقة الشرق  الأوسط وشمال أفريقيا
لا بد من العمل لإيجاد حل لمشكلة النفايات في المنطقة، حيث تحتل أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة جزءاً كبيراً منها و تعد سبباً رئيساً للتفاقم الهائل لهذه النفايات، المشكلة التي يعاني منها كل العالم
لا شك أن أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة شكلت نقلةً نوعيةً في عالم التكنولوجيا وغيّرت مسار حياتنا إلى الأحسن، إلا أن تراكم الأجهزة التالفة يشكل مشكلةً كبيرة. 

يبلغ معدل النفايات الإلكترونية والمعدات الكهربائية التي يٍعاد تدويرها حول العالم من 15 إلى 20 بالمائة فقط.

و تشير التقديرات إلى أنّ معدل إعادة التدوير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقل بكثير، حيث أن حوالي خمسة في المائة فقط منها يُجري معالجتها، ويتم شحن معظمها إلى مراكز في الهند أو الصين أو جنوب شرق آسيا.

أما المتبقي من النفايات - التي يحتوي الكثير منها على مواد سامة مثل الزئبق والزرنيخ والرصاص -فتلقى في مدافن النفايات، أو تخزّن في ساحات الخردة والمستودعات أو يتم حرقها.

سماعك بالأرقام المتعلقة بأعداد النفايات الإلكترونية قد يصيبك بالذهول، حيث بلغت أعداد الهواتف المحمولة المهملة في الولايات المتحدة وحدها حوالي 150 مليون هاتف سنوياً إلى جانب المئات من أجهزة الحاسوب و المنتجات الإلكترونية الأخرى.

[ltr]مرحلة البداية[/ltr]
يتطلب التعامل مع هذه الأكوام المتزايدة من الهواتف وأجهزة الحاسوب وأجهزة الآيباد وأجهزة الألعاب وملحقاتها، في المقام الأول، بيانات وإحصاءات جيدة، حيث نفتقر لها وبشدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ويقول مركز البيئة والتنمية في المنطقة العربية وأوروبا (سيدير)، وهي منظمة غير حكومية يقع مقرها في القاهرة، أن إدارة النفايات الإلكترونية في المنطقة العربية لا زالت في مرحلتها الأولى.
و يذكر أن هناك حاجة لجمع مزيد من البيانات الأساسية، وقوائم الجرد والدراسات حول تلك النفايات لجميع أنحاء المنطقة العربية.

وأصدرت الجمعية الألمانية للتعاون الدولي عام 2014 تقريراً حول النفايات الإلكترونية مسلطاً الضوء بشكل أساسي على غياب الوعي العام بالمخاطر المحتملة لهذه النفايات في ظل الغياب الكامل للقوانين والتوجيهات، إضافةً إلى عدم وجود مرافق مخصصة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية في المنطقة. 

تمتلك جمهورية مصر العربية والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 95 مليون نسمة النسبة الأكبر من مخزون النافيات الإلكترونية على مستوى القارة الأفريقية.

و يذكر تقرير الجمعية الألمانية بأنه لا يوجد حالياً نظام رسمي لإدارة النفايات الإلكترونية في مصر.

"عادة ما يتم حرق النفايات الإلكترونية في مصر أو إلقاءها في مقالب القمامة في الأحياء الفقيرة مثل منشية ناصر أو المقطم أو دويعة. ومع مرور الوقت بدأت الانبعاثات الضارة تؤثر على الناس الذين يعيشون بالقرب من هذه المدافن."

واعتمد سكان القاهرة على جمع القمامة من قبل الزباليين، على الرغم من أنها طريقة تقليدية إلا أنها قد تكون فعالة في أغلب الأحيان، معظم هؤلاء السكان من المسيحيين الأقباط الذين يعيشون في المجتمعات المحلية في منشية ناصر والأحياء المجاورة الذين يكسبون رزقهم من إعادة التدوير.

المشكلة هي أن عملية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية الآمنة تحتاج إلى معدات مخصصة ومكلفة. إلا أنها  يمكن أن تكون تجارة مربحة حيث أن الحواسيب والهواتف تحتوي على كميات من المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة والنحاس والبلاتين.

ولكن أولئك الذين يعيدوا تدوير النفايات الإلكترونية يدوياً فيقوموا بطبخ لوحات الحاسوب الالكترونية وحرق الكابلات لاستخراج النحاس منها وغمر المعدات في الأحماض السمية، يعرضون أنفسهم لمشاكل صحية، كما أن ذلك يلوث الهواء والماء.


مدافن الإلكترونيات
تعتبر مدينة غويو في الصين - وهي واحدة من المدن سيئة السمعة كونها الأكثر إنتاجاً للمخلفات الإلكترونية على مستوى العالم، وكذلك ضواحي مدينة أكرا في غانا - شاهدة على الدمار البيئي والمشاكل الصحيّة التي تسببها عمليات التدوير التقليدية للنفايات الإلكترونية.
 لطالما اعتبرت مدينة إذنا التي تقع على بعد حوالي 20 ألف كيلو متراً شمالي غرب مدينة الخليل في الضفة الغربية مجمعاً لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية.

أنشئ مصنع إذنا لإعادة التدوير- والتي هي في الأصل منطقة زراعية-  في أوائل العقد الأول من القرن الحادي و العشرين. حيث ارتفع سعر النحاس والمعادن الثمينة الأخرى بشكل حاد. ووفقاً لتقرير في مجلة "ناتشر"، فإن حوالي نصف مجموع النفايات الإلكترونية المتولدة في إسرائيل يتم نقلها بالشاحنات إلى عدد من المرافق في إذنا، ليتم تصنيفها و إعادة تدويرها.

وفي حين أن عمليات إعادة التدوير تشكل مصدر رزق للسكان المحليين، إلا أن المركّبات السامة المستخدمة سببت تلوث التربة والمياه في المنطقة.

و يقول الدكتور ياكوف غارب، عالم البيئة الإسرائيلي الذي درس تأثير النفايات الإلكترونية على إذنا والقرى المحيطة بها: "المشهد مشبع بهذه الملوثات."

[ltr].ويضطلع العديد من الشباب بالعمل الذي غالباً ما يكون خطراً في العديد من ورشات إعادة التدوير في المنطقة[/ltr]

[ltr].ويقول السكان المحليون  وأولئك الذين يعيشون في المستوطنات الإسرائيلية القريبة - أن حرق الكابلات وغيرها من أنشطة إعادة التدوير قد سمّمت الهواء وسبّبت أمراض تنفسية واسعة النطاق[/ltr]

[ltr].هناك بعض العلامات على إتباع نهج أكثر استنارة إزاء النفايات الإلكترونية في المنطقة[/ltr]

ويهدف مشروع مدعوم من الوكالة السويدية للتنمية الدولية و كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى تطهير جزء كبير من المنطقة المحيطة بإذنا وتوفير مرافق ومعدات للتعامل الآمن مع النفايات الإلكترونية.



[ltr]من نفايات إلكترونية إلى ذهب[/ltr]

في أماكن آخرى، يقوم أصحاب المشاريع بإنشاء شركات للنفايات الإلكترونية، على أمل كسب المال من إعادة التدوير.

و توجد في مصر شركة تدعى دكتور وي تقوم بجمع وشراء  نفايات إلكترونية من المنازل والشركات. ويقول عصام هاشم، مؤسس الشركة، أن أحد التحديات الرئيسية هو رفع مستوى الوعي حول إعادة التدوير.

وقال لـ "المونيتور": "بالإضافة إلى التحديات اللوجستية التي تواجهها دكتور وي، بما في ذلك توفير سيارات لجمع النفايات الإلكترونية، فإن التحدي الرئيسي هو أن المجتمع لا يزال يعتبر إعادة التدوير كنوع من الترف".

قام مصطفى حمدان، وهو طالب هندسة، بتأسيس شركة ريسيكلوبيكيا للنفايات الإلكترونية قبل ست سنوات في مرآب منزل والديه شمال القاهرة.

وقال للبي بى سى: "لقد كنت أشاهد فيلما وثائقيا عن إعادة التدوير الإلكتروني، وأدركت أن هناك الكثير من الإمكانات في استخراج المعادن من لوحات الأم - الذهب والفضة والنحاس والبلاتين".

"كانت صناعة مزدهرة في أوروبا والولايات المتحدة، في حين لا أحد في الشرق الأوسط كان يمارس هذه الصناعة ".
[ltr].توظف ريسيكلوبيكيا الآن أكثر من 20 شخصًا ويقول أنها تكسب أكثر من 2 مليون دولار من النفايات الإلكترونية المعاد تدويرها سنوياً[/ltr]


" نفايات في كل مكان"
إن جبل النفايات الإلكترونية في المنطقة وحول العالم يتضخم يوماً بعد يوم. حيث يتم إنتاج المزيد من الأدوات الإلكترونية تقريبًا كل يوم. تتقلص فترة أعمار الهواتف و الحواسيب ويرجع سبب ذلك التركيز على الشكل أكثر من الأداء.

[ltr].وتعد منطقة الخليج، على أساس نصيب الفرد، واحدة من أكبر مستهلكي المنتجات الإلكترونية في العالم[/ltr]

[ltr].ستيوارت فليمينغ هو الرئيس التنفيذي لشركة إنفيروسيرف، وهي شركة دولية لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة[/ltr]

تقوم إنفيروسيرف ببناء ما تعتبره واحدة من أكبر مراكز إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في العالم في الإمارات العربية المتحدة، بهدف جمع أجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة ليس فقط من الشرق الأوسط ولكن أيضًا من مواقع مختلفة في أفريقيا. 

وقال فليمنغ لـ "مدل إيست آي": "كان الناس في هذه المنطقة يتحدثون عن المشاكل المتزايدة المتعلقة بالنفايات الإلكترونية لسنوات ولكنهم لم يفعلوا أي شيء في الواقع".


"هناك حاجة ملحة للعمل - يجب أن يكون هناك تحرك نحو إرسال كميات ضئيلة من النفايات الالكترونية إلى مكب النفايات، وإلا فإن الأجيال القادمة لن تجد مكاناً تسير فوقه إلا القمامة."
- كيران كوك، مراسل أجنبي سابق لهيئة الإذاعة البريطانية و فايننشال تايمز، و يساهم في بي بي سي ومجموعة واسعة من الصحف العالمية والشبكات الإذاعية.

[ltr].الآراء الواردة في هذه المقالة تنتمي إلى المؤلف ولا تعكس بالضرورة سياسة تحرير مدل إيست آي[/ltr]
ترجمة: كرم مدحت عناية

الرابط مصدر المقال

Dina Ali Khalil Hassan

Dina Ali Khalil Hassan

مترجمين المقال