لا يمكننا إعادة تدوير طريقنا إلى "القضاء على النفايات"

تعتبر فكرة "القضاء على النفايات" محور الوقت الراهن بسبب أعقاب الحلقة الأخيرة من برنامج "الحرب على النفايات" الذي تقدمه قناة ABC التي يناقش فيها كريغ ريوكاسيل، وهو منزعج، الخطايا المتعلقة بالقمامة في أستراليا.

ولكن في أغلب الأوقات، عندما نسمع عن حركات للقضاء على النفايات أو التزامات مدنية أو تابعة لشركات للقضاء على النفايات، فهي في الواقع تكون حملات "من القضاء على النفايات إلى المكب"؛ فتلك الحملات لا تهدف إلى إنتاج القضاء على النفايات، ولكن فقط أن تدار جميع النفايات بطريقة أو بأخرى - وعادة ما تعتمد بشكل كبير على إعادة التدوير.

في الواقع ربما قد قال معظمنا، أو على الأقل سمع ذلك الكلام:



" إنها ليست نفايات؛ لأنه يتم إعادة تدويرها!" أو فيما يتعلق بالأغذية، "إنه يتحول إلى سماد!"




إنه شئ معروف لصناعة استعادة النفايات أن تعتبر قمامة شخص ما كنز لشخص أخر؛ فالنفايات عالية الجودة والمصنفة جيدًا ليست قابلة للاستخدام فحسب، بل إنها مرغوبة - إما لإعادة تدويرها أو تحويلها إلى وقود.

تقوم صناعة إعادة التدوير الأسترالية بعمل جيد من حيث إعادة توظيف معظم المواد القابلة لإعادة التدوير التي تم جمعها. ويسهم ذلك في تنمية الإقتصاد الدائري، حيث تقوم النفايات المعاد تدويرها باستبدال المواد الأولى في الإنتاج.

ولكن مثل الكثير من المصطلحات، هناك فرق حاسم بين التعريف المعروف والتعريف الفني للنفايات. فعلى مستوى المحادثات العامة، تعتبر النفايات شئ غير مرغوب فيه وغير صالح للإستعمال وليس له قيمة. أما من الناحية التقنية، فهو تصنيف لمصدر أو منتج عند نقطة معينة في سلسلة قيمته.

قد يبدو وكأنه تمييز متحذلق. ولكن اللغة تشكل فهمنا وسلوكنا، وتصورنا لما هو ممكن ومهم.

وقال ألبرت شاميس، مدير إدارة النفايات في مدينة فانكوفر مؤخراً:
[code]"لا يمكننا إعادة تدوير طريقنا إلى القضاء على النفايات"[/code]

ولكن يظل السؤال الأهم دون إجابة: هل لا تزال النفايات نفايات عندما يتم إعادة تدويرها؟

ويحدد التسلسل الهرمي المعياري للنفايات عادة بين تفادي النفايات وإدارتها، مع إعادة التدوير بصورة مباشرة في منطقة إدارة النفايات. وهذا يعني أن إعادة التدوير هو شيء نقوم به للنفايات، وليس وسيلة لتجنبها.

في هذه الأيام، يتم ممارسة إعادة التدوير بشكل معتاد في معظم الأسر الأسترالية حيث إنه شئ بسيط بصفة عامة. فليس من الصعب وضع مادة في سلة إعادة التدوير بدلاً من القمامة عندما يكونا جنبا إلى جنب في المطبخ (أو في مكتب أو في أي مكان عام).

ولكن إعادة التدوير تقع إلى حد ما أسفل التسلسل الهرمي للنفايات. عندما نقول
"إنها ليست نفايات إذا كان يعاد تدويرها"


، فإنه يسهل تجنب إجراءات أكثر أهمية ذات تأثير أكبر.

وبالمثل، فعندما يتم تعريف التزامات القضاء على النفايات بأنها "لن تذهب إلى المكب"، فإنه من السهل جدًا على الشركات أو المدن تحديد هدف التحويل، والتركيز على إعادة التدوير والتعافي، بدلًا من وضع أهداف للمهمة الأكثر تعقيدًا لتقليل النفايات.

ولكن في حين أن إعادة التدوير (والتعافي) هو خط الدفاع الأخير، فإنه لا يوجد شئ ذو فعالية مثل تجنب النفايات في المقام الأول.




لماذا تقع إعادة التدوير أسفل التسلسل الهرمي للنفايات؟

إن التسلسل الهرمي للنفايات يضع أولوية اتخاذ الإجراءات حسب حجم استفادة البيئة من تلك الإجراءات. إن إعادة التدوير هي بالتأكيد ذات أهمية أكبر من المكب، حيث أنها تحل محل المواد الأولى في عملية التصنيع. على سبيل المثال، يعتبر إعادة تدوير الألومنيوم أكثر كفاءة ب95% من استخدام الألومنيوم البكر، وإعادة تدوير البلاستيك أكثر كفاءة ب85%، والورق ب50%، والزجاج ب40%.

ولكن عملية إعادة التدوير لا تزال تستهلك الطاقة (وغيرها من الموارد)، وتكلف المال. وبالنسبة لكثير من المواد، وخاصة البلاستيك وإلى حد ما الورق، تعتبر عملية إعادة التدوير عملية خفض مستوى أيضا.

لا يمكن إعادة تدوير هذه المواد إلا لعدد معين من المرات قبل أن تتحلل إلى أبعد من كل الاستخدام، وغالبا ما ينتهي بها المطاف في المكب. وعند هذه النقطة، فإنها لا يمكن استردادها من نفايات إلى طاقة.

ومن ناحية أخرى، إذا تمكنا من تخفيض كمية المواد التي تحتاج إلى إعادة تدوير، أو أفضل من ذلك، الكمية التي يتعين إنتاجها في المقام الأول، فإن هذه التكاليف ستختفي تماماً. ويمكن أن تؤدي خيارات المستهلك الأفضل دوراً، ولكن الأهم من ذلك هو تحسين إدارة الموارد وتصميم المنتجات بشكل أكثر ذكاء.

في تحولنا إلى اقتصاد دائري، قد تتحول الطريقة التي نميزبها الأشياء إلى التأكيد على أن الأشياء لها قيمة بعد نهاية صلاحيتها. ولكن من الضروري أننا ما زلنا نرى الحقيقة كما هي.

وبغض النظر عما إذا كانت لا تزال النفايات "نفايات" إذا أعيد تدويرها، فيجب أن ننظر إلي إعادة التدوير (والتعافي) على أنها خط الدفاع الأخير. فإن الحد من النفايات هو أكثر أهمية من إدارتها، ونحن بحاجة للحفاظ على تركيزنا هناك.

الرابط مصدر المقال

Mirna Bakir

Mirna Bakir

مترجمين المقال