في يوم الأرض .. إعادة التدوير شيء لا قيمة له

ينبغي علينا أن نذكر أنفسنا ونحن نحتفل بيوم الأرض أن إعادة التدوير
 قد أصبح شيئًا بلا قيمة، فلا شك إطلاقًا في أن بعضها مفيد للغاية، ولكن الطريقة التي أصبحت بها تقارب الاحتفالات الدينية هذه الأيام قد تجاوزت ذلك بكثير، ينبغي علينا أن نقلل من عمليات إعادة التدوير، فسوف نصبح أكثر ثراءً إذا فعلنا ذلك.
ولقد كتبت بالفعل كتابًا حول هذه النقطة، ولكنني لن أصر على شراءك إياه، فأنا  عوضُا عن ذلك سأشير لك -كما فعل مارك بيري- إلى عمود جون تيرني حول هذه النقطة تحديدًا:
إن حُجة تيرني المثيرة للجدل التي قدمها عام 1996 هي: إن إعادة التدوير ربما يكون النشاط الأكثر تبديدًا في أمريكا الحديثة، خاصة إذا قدرنا تكلفة الفرصة البديلة لوقت كل شخص بـ 15 دولار في الساعة، وهو المبلغ الذي يريد كل فرد الآن أن يكون الحد الأدنى للأجر في الساعة الذي يمكن أن يحصل عليه عامل غير ماهر.

ويقول تيرني: "إن شطف علب التونة وربط ورق الجرائد قد يجعلك تشعر بأنك شخص فاضل، ولكنه مضيعة للوقت والمال ومضيعة للموارد الطبيعية والإنسانية.
" تستطيع الآن أن تفهم لماذا وُضع مقال تيرني في السجل الدائم لرسائل الكراهية الأكبر حجمًا في تاريخ مجلة نيويورك تايمز. 
ولقد كان لدى السياسيين في جميع أنحاء البلاد أفكارًا أكبر، وشرع مسؤلو الولايات والمدن قوانين تنص على إعادة التدوير ووضع أهداف احتياطية تفوق حتى من الأهداف الإنمائية للألفية، كما حددت معظم الولايات حصص نسبية صارمة تتطلب عادة أن يُعاد تدوير 40% من القمامة على الأقل أو أكثر من ذلك في أحيان كثيرة (50% في نيويورك وكالفورنيا و60% في نيو جيرسي و70% في رود آيلاند)، وتعرضت الصناعات للضغط كي تضع أهدافها.
وقد اتبعت البلديات التسلسل الهرمي للنفايات عن طريق بناء محارق تحول النفايات إلى طاقة، وبدأت آلاف برامج إعادة التدوير لصناديق القمامة التي على جانب الطريق، وكل ذلك اعتقادا بأن هذا سيكون أرخص من المكب، لكن أصبحت المحارق مكلفة للغاية، كما أنتجت برامج إعادة التدوير وفرة من الورق والزجاج والبلاستيك لم يرغب أحد في شرائها.
لذا فقد وجد المناصرون لإعادة التدوير حلًا جديدًا، ألا وهو إجبار الناس على شراء قمامتهم النفيسة إذا كانوا لا يريدون ذلك، وقد أصدرت الحكومة الفيدرالية ومعها عشرات الولايات قوانين طالبت الهيئات العامة والصحف وغيرها من الشركات بشراء المواد المُعاد تدويرها.
ودفعت هذه اللوائح -جنبًا إلى جنب مع مجموعة واسعة من الإعفاءات الضريبية والإعانات- المُعدل الوطني لإعادة التدوير بحيث يصل إلى هدف بورتر وهو 25%، ويعد هذا إنجازًا مُكلفًا منذ خسارة البرامج للمال. وهذا ما نريد معرفته حقًا..!.
النقطة التي قدمتها في مجلة (تشازينج راينبو - مطاردة الوهم) هي أننا لا نحسب تكلفة وقتنا كأحد نفقات إعادة التدوير، وعلينا بالطبع أن نحسبه لإن الوقت هو المصدر الوحيد الذي لا يتجدد بحق والذي يملكه أي منا، وبمجرد إضافة تكلفة الوقت المطلوب لتنظيف المواد القابلة لإعادة التدوير وفرزها وإعدادها يتضح لنا آنذاك أنها أكثر تكلفة بكثير من المكب.
ولكن الشئ العجيب حقًا هو أننا امتلكنا بالفعل نظامًا سيخبرنا عما ينبغي علينا إعادة تدويره وإن كان علينا أن نعيد تدويره أم لا، فالموارد الاقتصادية تُكلف المال، وكذلك الورق والنقل والعمالة كلها تُكلف المال. 
لذا يمكننا أن ننظر ببساطة إلى تكلفة انتاج شئ ما لتحديد إن كان يستخدم موارد أكثر أم أقل، فارتفاع تكلفة الانتاج يعني أنه يستخدم موارد أكثر. فمثلُا إعادة التدوير تتكلف أكثر من المكب وبالتالي  يتطلب هذا المكب موارد أقل من إعادة التدوير.
لا يوجد شك مطلقًا أنه الأحيان التي يكون فيها إعادة التدوير شئ معقول فعله جدًا، يكون من الممكن كذلك على الأقل في بعض الأحيان أن يكون إعادة التدوير شئ غير معقول فعله، فالبراعة تكمن في توريث كيان يستنبط أي شئ ينتمي إلى أي فئة، ويأتي هذا الكيان في ثلاثة أجزاء
الجزء الأول هو أنه إذا كنت تستطيع تحقيق الربح من إعادة تدوير شئ ما فينبغي عليك إذن أن تعيد تدويره، لإن الربح هو الدليل الأكيد على إنك تضيف قيمة، فالربح هو القيمة التي يزيد بها ناتجك عن قيمة مدخلاتك. وبالنظر إلى أن القيمة المضافة هي -بحكم تعريفها- ما يمكن أن يستهلكه الجميع استهلاكًا مشتركًا ومن ثم يٌعاد تدوير شئ ما كي يحقق ربحًا يجعل الجنس البشري أكثر ثراءًا. 
إننا نحب هذا، لذا -وعلى سبيل المثال- فإنني عندما أُقصي بعد القطع الفائضة من سبائك نووية روسية (القطع المقطوعة من نهايات الانابيب المُستخدمة في تثبيت اليورانيوم في المفاعل) وأشحنها ليُصنع منها عجلات من خليط الماغنسيوم المعدني للصبية المتسابقين وأحقق ربح من هذا العمل كما فعلت فإن يضيف إلى الثروة العامة للجنس البشري، لإن القيمة قد أُضيفت وكان النشاط مربحًا.
وهنالك كذلك إعادة تدوير لا تضيف أي قيمة، وهذه من المؤكد أنه ينبغي ألا تمارس، لإن هذه الخسائر -كضد للأرباح- هي علامة أن تدمير القيمة من خلال إعادة التدوير هذه، فعلى سبيل المثال، من الممكن تمامًا أخذ خرسانة قديمة وإعادة تشكيلها مما يجعل استخدامها مرة أخرى كخرسانة جديدة ممكنًا. وسوف يكون ضربًا من الجنون أن نفعل ذلك: سيكون الأمر أفضل كثيرًا إذ ما فُرمت وأُستخدمت كمرشح للخرسانة الجديدة وشُكل أكثر قليلًا من أسمنت بورتلاند لإمداد الخرسانة نفسها. 
إننا نسعى حقًا إلى ألا نقوم بالأشياء التي تقلل القيمة بهذه الطريقة، فماذا سيكون الحافز لأي شخص كي يفعل ذلك؟
ثم هناك الدرجة الثالثة التي تظهر فيها كل المشاكل، لإننا ربما يكون لدينا شئ غير مربح بشكل مباشر كي يُعاد تدويره، ولكننا مع ذلك نظل نرغب في التعامل معه نظرًا لبعض الآثار الخارجية، شئ ما لا يوضع في الحسبان في منظومة السعر، ومثال على هذا أننا قد أُخبرنا أن لدينا نقص في مساحات المكبات ومن ثم يجب علينا أن نعيد تدوير كم أكثر من قمامتنا العامة.
في الواقع نحن لا نعاني من نقص في الفتحات في الأرض (حجم الفتحات التي نحفرها في الرمال والحصى تكون أكبر قليلًا كل سنة من القمامة التي نحاول التخلص منها)، ولكننا نعاني من نقص في الفتحات التي يرخص إلقاء شئ فيها، ولذا فإن هذا النقص هو نفسه الذي لا يسمح لنا بإلقاء الأشياء في المكبات والذي ليس في الواقع نقص في المكبات نفسها.
إن القضية الأساسية هنا هي أننا نعاني من نقص في المواد الخام.
ومن ثم ينبغي علينا أن إعادة تدوير المواد الخام بدلًا من دفنها في فتحات في الأرض، ستكون هذه المناقشة مفيدة لو أننا نعاني من نقص في المواد الخام كما يسعي هذا الكتاب للتوضيح على الأقل بالنسبة للمعادن والمواد غير العضوية، لذلك فإن هذا الشرح المُفسر لهذا النوع من إعادة التدوير لا ينجح في الواقع. وفي الحقيقة تتكلف إعادة تدوير هذه المواد أكثر من استخدام المواد الأولية، فنحن نجعل أنفسنا أكثر فقرًا بفعل هذا. 
إن منظومة إعادة التدوير التي تبدد المال تستخدم موارد أكثر من البديل. ولما كان الهدف هو الحفاظ على الموارد ، فينبغي علينا إذن ألا نعيد تدوير الأشياء التي تبدد إعادة تدويرها المال، وهذا هو كل ما نحتاج معرفته في يوم الأرض.
تمت الترجمة بواسطة: إسراء جمال

الرابط مصدر المقال

Dina Ali Khalil Hassan

Dina Ali Khalil Hassan

مترجمين المقال