في قلب مكبات القمامة

إن إدارة النفايات بالطريقة الصحيحة مكلف ولهذا السبب فإن البلدان الغنية تفعل ذلك بالغالب بشكل افضل من البلدان الفقيرة.

هناك حقاً ثلاثة أشياء يمكنك فعلها بالنفايات: دفنها أوحرقها اوإعادة تدويرها. وكل طريقة تكلف بيئياً ومالياً، وكلها تتطلب إدارة دقيقة. فمن النظرة الأولى فإن دفن أوحرق الأشياء قد يبدو أبسط الخيارات، ولكن العواقب المحتملة تتطلب ضوابط صارمة، وذلك كما سيظهر هذا القسم. وسيجري تناول إعادة التدوير وهي عملية معقدة للغاية في مقال آخر.

فالفكرة القائلة بأن النفايات تحتاج إلى "إدارة" هي جديدة نسبياً. وعلى مدى الكثير من تاريخ البشرية فقد كانت النفايات تهتم بنفسها، وفي العديد من أجزاء كثيرة في العالم لا زالت كذلك. وفي المجتمعات الزراعية الفقيرة ليس هناك الكثير من النفايات للتعامل معها. فالأدوات المكسورة والملابس البالية يتم إصلاحها، وكما أن بقايا الطعام تكون طعام للماشية وهلم جرا. وفي مثل هذه الأماكن يُنظر إلى النفايات على أنها ذات قيمة متأصلة. يقول فيليب شالمين من جامعة باريس دوفين في أن سبب هبوب الأكياس البلاستيكية من جوانب الطريق في العديد من البلدان الفقيرة ليس أن السكان المحليين هم من يلقون النفايات ولكنهم مقتصدون لدرجة أنهم لا يحتاجون إلى نظام لجمع النفايات من أي نوع. والأكياس البلاستيكية هي من بين العناصر القليلة التي لا يمكن إعادة تدويرها.

في البداية كانت النفايات مشكلة في المدن، حيث أنها تراكمت فيها سريعاً قبل أن تتعفن بعيداً، مخلفة قذى على العين وخطراً على الصحة.  ففي عام 1552 تم تغريم والد شكسبير بشلن لترك برازه في الشارع بدلاً من نقله إلى المكان المحدد على طرف البلدة. وقد ساعد بنجامين فرانكلين عام 1757 في انشاء أول خدمة تنظيف للشوارع في أميركا في فيلادلفيا. ولكن حتى في المدن معظم العناصر التي قد تعتبر الان قمامة  كانت تُجمع وتوضع للاستعمال. وفضلات الانسان والحيوان كانت تجمع وتوضع كسماد للحقول وأما الخرق فكانت تستعمل لصنع الورق.

وأي شيء ليس له استعمال آخر كان ولا يزال إما يدفن أو يحرق. وفي بداية  الأمر كانت المكبات بكل بساطة الأماكن التي تترك فيها النفايات لتتعفن مع بعض المساعدة اوبدونها. وفي أحسن الأحوال فإن طبقة من الأوساخ أوالحطام تنتشر على القمامة المتدهورة للمساعدة في التحكم في الروائح والحشرات، وهي تقنية استعملها سكان كنوسوس في جزيرة كريت عام 3000 قبل الميلاد.

وكمية النفايات التي يولدها المجتمع تميل لتنمو مع اقتصادها. وهكذا فإنه في أميركا ينتج الشخص 700 كيلوجرام من نفايات البلدية كل عام، مقارنة مع 220 كيلوجرام للشخص النيروبي. وكلما أصبح الناس أغنياء كلما زادت كمية الورق والبلاستيك والمعادن التي يرميها الناس، وبالتالي فإن نسبة النفايات الغذائية تنخفض. كما أن الرماد يميل لأم يختفي من النفايات المنزلية تماماً حيث تحل الكهرباء والغاز محل المراجل والأفران التي تعمل بالفحم والخشب.


دُفن ولكن لم يختفي

وتسبب زيادة حجم النفايات المتجهة إلى المكب عدة مشاكل، وأول مشكلة هي العثور على مساحة كافية لذلك. بعض البلدان ليس لديها أي مشكلة في ذلك: فمكبات النفايات الموجودة في الولايات المتحدة، تملك 20 سنة بقيمة السعة المتبقية لديها وذلك وفقاً لجمعية نسوما التابعة لمجموعة الصناعة. ويعد مكب النفايات فرش كيلز في نيويورك على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً، أكبر هيكل من صنع الإنسان في العالم الذي يجعل حجم الأهرامات صغير بجانبه. ولكن في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية مثل سنغافورة أوفي الأماكن الجبلية مثل اليابان، فد يكون من الصعب العثور على موقع مناسب.

وحتى عندما تتوافر الكثير الأراضي غالباً ما يكون السكان المحليون معاديين لمدافن القمامة بسبب أضرارها التي يمكن أن تلحق بالإنسان والبيئة. وتنتج المادة العضوية المكتظة بالميثان عن طريق التعفن حيث يمكن أنها تتسبب في نشوب حريق أوحدوث انفجارات. وهذا أيضًا شيء ضار بالغلاف الجوي، لأن غاز الميثان هومن غازات الدفيئة الأكثر قوة ب21 مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون. وإن عملية الفساد تنتج أيضاً غاز الأمونيا، والتي بتركيزات كافية يمكن أن تسمم الأسماك والبرمائيات وتجعل المياه غير صالحة للشرب.

كما أن التركيبة المتغيرة للنفايات المتجهة إلى المكب تؤدي أيضاً لنهوض أشكال أخرى من التلوث. فهناك البكتيريا التي تفكك النفايات المتعفنة لتنتج الأحماض. حيث إنه في الماضي كان من شأن ارتفاع نسبة وجود الرماد في القمامة المنزلية أن يساعد على إضعاف فاعليتها، ولكن الآن يمكن أن تتركز بما فيه الكفاية لحل المعادن الثقيلة السامة مثل الرصاص والكادميوم. ويمكن لمياه الرش الموجودة في المكب أن تحمل مثل هذه السموم إلى المياه الجوفية أو إلى ينابيع المياه المجاورة ومن هناك إلى مياه الشرب ثم السلسلة الغذائية.

النفايات المنزلية الغربية مليئة بالمواد الكيمياية الخطرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فهناك الدهانات والبطاريات التي تحتوي على الرصاص وموازين الحرارة والمصابيح التي تحتوي على الزئبق والسلع الإلكترونية التي تحتوي على المواد الخطرة، والمبيدات الحشرية التي تأتي من الحدائق، ومواد إذابة للتنظيف، وزيت السيارات المستعمل القادم من الكراج. فنظرياً لا ينبغي أن يدخل أي من هذه العناصر في مكبات النفايات العادية، ولكن عملياً العديد من الناس يفعلون ذلك.

وغالباً ما تحتوي النفايات الصناعية والطبية وونفايات التعدين على مواد سامة بكميات اكبر وتركيز أكثر. كما وقدرت شركة  سيكلوب أن أكبر الاقتصادات في العالم تنتج 150 مليون طن سنوياً من النفايات الخطرة، ولكن المعلومات على الأرض ضعيفة بشكل مقلق. وغالباً ما تختلط المعادن الثقيلة والأحماض في نفايات التعدين، كما هو الحال في مكبات النفايات العادية، والتي يمكن أن تنتقل إلى التربة والمياه. وفي معظم المواقع الملوثة حتى الغبار الذي يهب من المخلفات يمكن أن يكون خطير.

ومع ذلك فإن البديل الرئيسي والذي هو حرق النفايات يمكن أن يكون سيء بنفس الدرجة وذلك لكلا الناس والكوكب. إن الدخان الناتج من الحرق قد يحمل لأعلى المدخنة وإلى الغلاف الجوي العديد من نفس المواد السامة.ويسهم النيتروجين والكبريت في الدخان في نشوء الأمطار الحمضية، وتسبب جزيئات السخام مشاكل في الجهاز التنفسي، وبالإضافة إلى ذلك فإن حرق النفايات العضوية يُنتج مواد كيميائية تسمى الديوكسينات والفيورانات، ويشتبه في أنها مواد مسرطنة تضر بالجهاز العصبي والمناعي، من بين الآثار السيئة الأخرى وهي ضارة حتى إن كانت بكميات ضئيلة. وبعد الحرق لا يزال هنالك الرماد للتخلص منه وعادة ما يكون المكب هوالمكان ولكن مرة اخرى مع عواقب محتملة أخرى.

وفي ستينات وسبعينات  القرن الماضي، دفعت سلسلة من الحوادث المروعة  من النفايات السامة الحكومات في البلدان الغنية إلى تنظيم التخلص منها بشكل أكثر صرامة. ففي اليابان على سبيل المثال أدى تصريف المواد الكيميائية المحملة بالزئبق في خليج ميناماتا إلى مقتل ما لا يقل عن 1000 شخص وإصابة 10000 شخص آخرين بالمرض. وفي أميركا في حي اسمه لوف كانل  بشلالات نياجرا تبين أنه بني على رأس حفر الطين التي تحتوي على النفايات الخطرة من مصنع للمواد الكيميائية. وبعد ارتفاع كبير بالإجهاض ووجود عيوب في الولادة قامت الحكومة بنقل أكثر من 800 أسرة إلى منازل جديدة.

وقد فرضت الحكومات الغربية منذ ذلك الحين قواعد للحد من التلوث الناجم عن مدافن ومحارق القمامة ومنع تسرب النفايات السامة. وتحتاج الشركات بشكل عام إلى ترخيص لاستخدام أونقل أوالتخلص من أخطر المواد التي يتم تتبعها وغالباً ما يتعين معالجتها قبل الحرق أو طمر النفايات. وتميل هذه القواعد إلى أن تطبق بدقة. ففي الشهر الماضي على سبيل المثال، وافقت الشركات والبلديات التي ألقت نفايات خطرة في مكب نفايات نيوجيرسي مما تسبب في تلويث المياه الجوفية المحلية، على تسوية قانونية تقارب 100 مليون دولار لتغطية تكاليف التنظيف السابقة والمستقبلية.

وتضطر مدافن النفايات الحديثة إلى اتخاذ احتياطات دقيقة. وفي جلسة استماع مؤخراً حول التوسع المقترح لمكب النفايات على ساحل كاليفورنيا اعترض احدهم على ادعاء البيروقراطيين بأن الاحتباس الحراري العالمي لن يسبب ارتفاع في منسوب مياه البحر بسرعة كافية للتأثير على الموقع. وتساءل آخر عما إذا ما كان المكب دليل كزلزال قادم كما ادعى مالكيه. وتساءل ثالث آخر عن موقع الآبار المستخدمة لاختبار تلوث المياه الجوفية. وعبر العديدون عن قلقهم من أن الاستعراضات الخمس سنوية لكل هذه الاحتياطات لن تكون صعبة بما فيه الكفاية. وفي نهاية المطاف تمت الموافقة على الطلب ولكن قد مر عقد من الزمن منذ أن  قدمت للمرة الأولى.

بحث ريتشارد بورتر وهوأكاديمي في كتابه "اقتصاديات النفايات" تكاليف وفوائد قرار الحكومة الأمريكية  بتشديد الضوابط على ما يخرج من مدافن القمامة في عام 1991، باستخدام البيانات التي تقدمها وكالة حماية البيئة (إيبا)، وقد قالت الوكالة إن قواعدها الجديدة ستحمي 2.4 شخص من السرطان لأكثر من 300 سنة وبحسب التكلفة التي قدمها بورتر من 3.5 مليار دولار لكل منهم. إذا تم تطبيق معدل الخصم القياسي للوكالة، فإن التكلفة سترتفع  إلى 32 مليار دولار لكل حياة شخص سيتم انقاذها. ما هوصحيح أن مايخرج من المدافن يمكن أن يؤدي  إلى مشاكل صحية أقل وآثار بيئية لم تقم وكالة حماية البيئة بتقييمها، ولكن كل تلك المبالغ تعطي شعوراً كيف أن التنظيم صارم لمدفن النفايات في البلدان الغنية.

وينطبق نفس الشيء على قواعد المحارق، وفي الواقع فإن مناصري هذا الاسلوب يفضلون أن يطلقوا عليه اسم محطات تحويل النفايات إلى طاقة أوطاقة من النفايات وبذلك يبدوأكثر ايجابية. واحدة من أكبر هذه المصانع في العالم، في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا، حيث يستنفذ حوالي 1 مليون طن من النفايات البلدية سنوياً وذلك أكثر بقليل من مكب بيتسيا. اثنين من مخالب البراثن الميكانيكية تستحق أن تكون في فلم بوند تقبض على خمس أطنان من القمامة في وقت واحد وتسقطها على الناقل. وتحمل الصناديق المعدنية المتحركة النفايات ببطء من خلال فرن في درجة حرارة مرتفعة باستمرار لضمان حرق صحيح ودقيق. ويولد المصنع ما يصل الى 80 ميجاواط وهوما يكفي لتشغيل 75000 منزل.

في غرفة التحكم يقوم الفنيون بتأمل القراءات  كل ثانية والأخرى من مستويات الملوثات المختلفة في العادم. وللقضاء على الديوكسينات تقضي اللوائح بأن تصل النفايات إلى درجة حرارة لا تقل عن 1800 درجة فهرنهايت. وفي المدخنة تستخدم مرشحات مختلفة لازالة أكاسيد الكبريت والنيتروجين والغازات الحمضية والمعادن الثقيلة والسخام. كل المياه المستخدمة تذهب  من خلال محطة المعالجة الخاصة بها. ويتم نقل الرماد مباشرة إلى مكب مجاور، حيث  لا يستغرق سوى عشر حجم النفايات الأصلية.


اقتراحات الحرق

لقد قامت وكالة حماية البيئة بحساب أن هذه الضوابط قد خفضت انبعاثات الديوكسينات والفيورانات من محارق أميركا من 8900 جرام في السنة الى 80 جرام. وعلى النقيض من ذلك حرق النفايات المنزلية ونفايات الحديقة بنيران في البراميل  ينتج 500 غرام في  السنة. تعتقد وزارة البيئة في المانيا أن المحارق ساعدت بالفعل على تحسين نوعية الهواء من خلال تقليل الحاجة إلى محطات طاقة أكثر حداثة تعمل بالفحم. إلا أن السلطات المحلية في العديد من البلدان لا تزال معادية للمحارق الجديدة. وعلى سبيل المثال لم يتم بناء أي محرق جديد منذ عام 1995.

وسيكون تهوراً الادعاء بأن الضوابط الأكثر صرامة قد حلت جميع مشاكل النفايات في الغرب. ولقد بقي الكثير من الذي يتعين ازالته قبل اعتماد القواعد الجديدة ولا توجد لوائح مضمونة. وتجادل المجموعات البيئية مثل منظمة السلام الأخضر بأن انظمة المدافن الخاصة بالغاز  تأخذ نسبة أقل من انبعاثات غاز الميثان من ادعاءات شركات النفايات، وأن البطانات التي تبقي البقايا في مدافن النفايات لابد أن تظهر التسريبات عاجلاً أوآجلاً. والمنظمون الذين يقولون أن حرق النفايات الآن آمن هم أنفسهم الذين قدموا نفس الادعاء عندما كانت المحارق لا تزال  تقذف الديوكسينات. إن أي شيء يتم حرقه بدلاً من إعادة تدويره يمثل خسارة في الطاقة حيث أن هناك حاجة إلى مزيد من الطاقة لإنتاج مواد بديلة من الصفر.

ومع ذلك على العموم يبدو أن المدافن والمحارق تجتذب قدراً غير متناسب من التدقيق والتنظيم   ولا سيما بالنظر إلى أن بعض المرافق ذات الخطورة ذاتها تكاد لا تراقب على الإطلاق. وقد كشفت ثغرة مثيرة للقلق في قوانين اميركا في شهر كانون الاول من العام الماضي عندما أرسلت شركة ديك المنهارة مليار جالون من الطين السام الى 300 فداناً من ريف تينيسي.  الطين والذي هومزيج من الماء والرماد من محطة توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم، تضمن كميات كبيرة من المعادن الثقيلة السامة. ويقول المسئولون أن مياه الشرب المحلية ما زالت امنة بالرغم من أن انسكابها قد أسفر عن موت الأسماك في الأنهار القريبة. وتقول المؤسسة العامة المعنية وهي سلطة وادي تينيسي أنها تنفق مليون دولار يومياً على عملية التنظيف.

ذلك مستنقع الرماد والفحم في ولاية تينيسي هو واحد فقط من حوالي 1300 مستودع مماثل في جميع أنحاء أمريكا. وتعتقد وكالة حماية البيئة أن التخلص من رماد الفحم المتراكم أدى إلى تلوث المياه الجوفية في 24 ولاية. ولكن تحت ضغط من المرافق كانت قد أسقطت سابقاً خطط لتصنيف رماد الفحم كنفايات خطرة. وفي الشهر الماضي وعدت ليزا جاكسون المديرة الجديدة للوكالة، في جلستها تأكيدها بالعودة إلى هذا الموضوع.

في البلدان الفقيرة لا تزال النفايات منظمة أقل بشكل صارم، والقوانين القليلة نادراً ما يتم تنفيذها. فعلى سبيل المثال في مدغشقر يتم جمع 6% فقط من القمامة بشكل كلي. وتمكنت البلدان الأخرى من جمع نفايتها ولكنها لا تشرف على التخلص منها. إن أكبر مكب للنفايات في مومباي الهند يسمى أرض ديونار للإغراق وهوكذلك، ولقد افتتح في عام 1927. وإنه يحتل المنطقة كما هوالحال مع مكب بيتسيا ولكنه يأخذ ضعف كمية القمامة سنوياً. فالماعز والجواميس ترعى وسط التلال التي يخرج منها دخان. وآلاف الزبالين يمشطون وينقبون الموقع بحثاً عن أشياء ثمينة. وعندما تصل الشاحنات لتفريغ حمولتها فإن هؤلاء "المنقبون البالون"  يندفعون للأمام للحصول على النفايات الأولى ثم يتلوا ذلك عراك يؤدي إلى حدوث إصابات، هذا ما يقوله براكاش تاوار مدير ديونار.


أمسك أنفك

إن السيد تواس ليس لديه الميزانية للسيطرة على الحشود، ناهيك عن الحماية البيئية الحديثة التي لم تبذل أي محاولة للسيطرة على فائض، والذي يتسرب إلى الجداول المحيطة والمستنقعات ومنها إلى بحر العرب. وهو لا يعرف مدى خطورة ذلك لأنه لم يتم أختبار المياه. عدا عن أنه ليس هناك نظام لجمع غاز المدافن. حتى خلال موسم الجفاف تندلع عدة حرائق كل يوم وتنفجر بعيداً وتطلق أعمدة من الدخان القاتل. ويحاول موظفو السيد تاواس محاربتهم بشاحنة مياه وخراطيمها.

ويشكوالسكان المحليون من أن المخلفات تعطي روائح كريهة وأن الدخان الناجم من الحرائق يسبب ربووغيره من أمراض الجهاز التنفسي. كما أنهم يقومون بانتظام بتقديم الشكاوي والمسيرات احتجاجا على مكاتب مجلس المدينة. وفي العام الماضي ذهب البعض للإضراب عن الطعام. ويعترف المسئولون المحليون بكل حرية بأن التفريغ مصدر للتلوث الخطير.

وبأي حال من الأحوال فإن ديونار غير عادية. يقول لويس دياز من كالريكوفيري والي يعمل  بشركة استشارية النفايات، إن معظم النفايات في العالم النامي. وأنها توضع في مقالب مفتوحة مع عدم وجود ضوابط على غاز المكب أو ما ينتج من النفايات. فحرق النفايات وهي مكشوفة وهوالطريقة الشائعة للتخلص منها، يطلق كميات من الديوكسينات، وذلك بالضبط ما حدث في محارق الدول الغنية قبل سن القوانين.

قام معهد بلاكسميث  عام 2007 وهومنظمة غير حكومية أمريكية، بإدراج داندورا في كينيا وهي موقع تفريغ  نفايات نيروبي الرئيسي، من بين 30 أكثر بقعة تلوث في العالم. ومن بين الأماكن الأخرى الدارجة في قائمة المعهد هي لاأرويا في البيرو. حيث أدت الإدارة السيئة لمدة 80 عام لتصريف نفايات التعدين والصهر إلى ترك ثلاث أضعاف الرصاص  زيادة عن الحد الأقصى الموصى به من منظمة الصحة العالمية في دم الأطفال المحليين، وفي دزرزينسك روسيا تم التخلص من 30000 طن من النفايات الكيميائية عشوائياً معظمها من الفترة السوفيتية. حيث يبلغ متوسط العمر المتوقع في المدينة 42 سنة للرجال و47 سنة للنساء.

ومصدر قلق كبير آخر هو تصدير النفايات الخطرة من البلدان الغنية الى الفقراء حيث أن التخلص منها سيكون مكلف حيث يمكن أن يتم دفنها بسعر رخيص. ومن حيث المبدأ وتحت بند معاهدة تسمى بازل فإن ذلك غير قانوني ما لم تقدم الحكومة المستقبلة موافقة صريحة مسبقة. ولكن كلا المصدرين ينجحون في بعض الأحيان في نقل النفايات الكيماوية باعتبارها مواد مفيدة أوالحواسيب المصقولة كتبرعات للفقراء. وإذا كان المسؤولون الجمركيون الذين يتقاضون يتقاضون رشوة فإنهم غالباً سيغضون الطرف.

وتقدر الأمم المتحدة أن العالم يرفض ما يصل إلى  50 مليون طن من السلع الإلكترونية أوالنفايات الإلكترونية كل عام. وإن جهود إعادة التدوير الرسمية في البلدان الغنية لا تأخذ سوى جزء صغير من هذا ذلك وفقاً لمنظمة السلام الأخضر. وينتهي معظمها في البلدان الفقيرة حيث يفكك الزبالون الهواتف النقالة القديمة وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيونات لاستخلاص معادن قسمة لإعادة التدوير وبذلك يطلقون مواد ضارة مختلفة في هذه العملية. في منطقة غانا حيث تم نزع  النفايات الإلكترونية، حيث وجدت منظمة السلام العالمية مستويات عالية من الرصاص والديوكسينات والفثلات  والتي يمكن أن تضر الكبدة والخصيتين. وقد عثر على درجات مماثلة من التلوث في مكبات النفايات الإلكترونية في الهند والصين.

وقد قامت العديد من البلدان الفقيرة ببناء صناعات مزدهرة ومعتمدة رسمياً على إعادة تدوير النفايات والتي تعتبر خطرة في العالم الغني. فعلى سبيل المثال جميع السفن الكبرى في العالم تقريباً تفك ويعاد تدويرها في الهند وبنغلادش وباكستان. وتوفر عمليات تفريغ السفن فرص عمل لعشرات الآلاف من الناس. فضلاً عن المواد الخام الرخيصة للصناعة. ولكن تفكيك ناقلات النفط الضخمة أوالشحنات على الشواطئ يطلق النفط والمعادن الثقيلة والديوكسينات والأسبستوس والمواد الكيميائية السامة الأخرى في البحر.


الرحلة الأخيرة

البحر هوالوعاء النهائي لكثير من النفايات في العالم، هي يتم إلقاء القمامة فيه من قبل السفن أو إلقائها أو تفجيرها من قبل المستوطنات السياحية أو غسلها من خلال الأنهار والصرف الصحي وأنابيب الصرف الصحي. وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ربما 6.4 مليون طن من النفايات يجد طريقه إلى البحر كل عام. وأكثر المناطق تضرراً هي منطقة "الجير" في المحيط الهادئ ولكن المشكلة عالمية. وتشير البحوث إلى أن كل كيلومتر مربع من المحيط لديه ما متوسط 13000 قطعة من البلاستيك العائمة  فيه. ووفقاً للدراسات الأخرى، يشكل الجزء العائم 15% فقط من "القمامة البحرية"، و15 % أخرى تصل الساحل و70% منها ينتهي الحال بها إلى قاع البحر.

النفايات البلاستكية بشكل خاص تلحق ضرر كبير بالحياة البحرية وغالبا ما تموت الطيور والأسماك وحيوانات أخرى بعد أن تتشابك معها أوبعد أن تتناولها عن طريق الخطأ، ويمكنها خنق أغوار القصب والشعاب المرجانية والنظم الإيكولوجية الهامة الأخرى. ويمكنها أن تمتص السموم مما يجعلها أكثر خطورة أنه يمكنها أن تستوعب، حتى الحيوانات البحرية القشرية يمكن أن تحتوي على شظايا مجهرية من الأشياء، والتي تتحرك بعد ذلك بسلسلة غذائية وبعواقب غير معروفة. فالأضرار لا تقتصر على البيئة بل على مصايد الأسماك والسياحة أيضاً. ومع ذلك فإن حكومات العالم لم تبذل جهداً كبيراً لتنظيم النفايات البحرية على الإطلاق.

الرابط مصدر المقال

Aman Mohammad Manasrah

Aman Mohammad Manasrah

مترجمين المقال