خمسة ابتكارات تستطيع وضع حد لأزمة مخلفات البلاستيك

ليس هناك حب مفقود للعبوات البلاستيكية, سواء كانت تعليمات إعادة تدوير معقدة على المنتجات التي نشتريها، أو صور مذهلة للتأثيرات على الحياة البرية، أو ببساطة القيمة الإقتصادية المفقودة من خلال النفايات، فإن صناعة البلاستيك كانت تتصدر جدول الأعمال الدولي لسنوات, إذن كيف يمكن أن ينتهي ٨ ملايين طن من البلاستيك في المحيط كل عام؟


البحث عن الحلول الصحيحة

أدت الحاجة الملحة لهذه القضية بالعلامات التجارية، والحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والمشاهير إلى الترويج لمجموعة من الحلول, العبوة القابلة لإعادة الإستخدام هي جزء من الجواب، وأصبحت أكياس التسوق، وزجاجات المياه، وكؤوس القهوة مشتروات شائعة لأولئك الذين يحاولون القيام بواجبهم, يعمل هذا على استبدال أنواع معينة من العبوات، ولكن فكر في جميع قطع البلاستيك الأخرى التي نتعامل معها يوميًا, يمكن للغلاف البلاستيكى أن يُبقي الطعام طازجًا لفترة أطول، وتضمن الأغلفة أن المعدات الطبية آمنة للمرضى, في كثير من الحالات لن يكون من الصحي أو المُريح أو المُجدي أن يتم إعادة الإستخدام بشكل كامل.
كما يهدف عدد من المبادرات إلى معالجة آثار المشكلة، من إخراج المواد البلاستيكية من المحيط إلى جمع القمامة من الشواطئ, ونقول مرة أخرى أن هذه جهود قيمة ويجب أن تستمر, لكن نجد أن أفضل ثلاث عمليات تنظيف رئيسية للمحيطات على مستوى العالم تتعامل مع أقل من 0.5 % من تلك ال ٨ ملايين طن من البلاستيك الذي يدخل المحيط سنوياً, نحن بحاجة إلى علاج السبب وكذلك الأعراض, وهذا يعني النظر إلى المنبع لتصميم نظام بلاستيكي فعال، بحيث لا ينتهي المطاف بهذه المواد كنفاية في المقام الأول.

التحدي هنا هو أنه عند الإستخدام، يصبح التغليف البلاستيكي مُشتتًا, يتم توزيع هذه العناصر مع مليارات العملاء في جميع أنحاء العالم في تكوينات واستخدامات لا حصر لها, غالباً ما تكون صغيرة الحجم وخفيفة الوزن وصعبة في التجميع ولا تساوي كل تلك القيمة إذا عامِلنا كلاً منها على حدة, إذاً لابد من إعادة التفكير في الطريقة التي نصنع بها البلاستيك ونستخدمه، نحتاج إلى التوصل إلى أساليب وحلول نظامية جديدة.

تصميم نظام أفضل
هذا هو سبب التفكير فى جائزة الابتكار في مجال البلاستيك الإقتصادي الجديد، التي أطلقتها مؤسسة Ellen MacArthur في عام 2017 ، بالتعاون مع وحدة الاستدامة الدولية التابعة لولاية wales والمموّل Windy Schmidt.
تدعو المسابقة المصممين وعلماء المواد إلى إعادة اختراع أنواع العبوات البلاستيكية التي لا يتم جمعها أو إعادة تدويرها أبداً، والتي ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات أو المحارق أو في البيئة, يتم منح الفائزين جائزة قدرها 2 مليون دولار، بالإضافة إلى برنامج تسريع مدته 12 شهرًا بالتعاون مع Think Beyond Plastic.

تتألف جائزة الابتكار من جزئين, في مؤتمر Our Ocean في أكتوبر، أعلن المنظمون الدفعة الأولى من المُشاركات الفائزة, من أجل هذا التحدي التصميمي الحلقى تم تكليف الفرق بالخروج ببدائل متفوقة لعناصر مثل : أكياس الشامبو والأغلفة والقش وأغطية فناجين القهوة, تمثل "منتجات التعبئة الصغيرة" هذه 10 % من جميع عبوات البلاستيك التي لا يمكن إعادة تدويرها وغالبًا ما ينتهي بها المطاف في البيئة.

اختراع المواد الحلقية

تم الإعلان عن المجموعة الثانية من الفائزين في الإجتماع السنوي للمنتدى الإقتصادي العالمي هذا العام في Davos , يسعى تحدي المواد الحلقية إلى إيجاد طرق لجعل كل العبوات البلاستيكية قابلة لإعادة التدوير, وهذا يعني اختراع حلول أفضل من التغليف التقليدي والخواص التي نأخذها كأمر ثابت.
على سبيل المثال العديد من الأغلفة البلاستيكية لا تصنع فقط من نوع واحد من البوليمرات ولكن من مجموعة من المواد كلها مختلطة معاً, كل مادة لها وظيفة من مقاومة للماء ومقاومة الهواء والمظهر - ولكنها أيضا تجعل مواد التعبئة العامة غير قابلة لإعادة التدوير, تدعو مبادرة تحدي المواد الحلقية المبدعين إلى إيجاد مواد بديلة يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد.
تقدم المشاركات الخمس الفائزة ما هو ممكن عندما يتم إستخدام مبادئ الاقتصاد التدويرى لتوجيه عملية البحث والتطوير, والقصد من ذلك هو أن هذه الابتكارات لا تلهم فقط مزيدًا من التقدم ولكن يتم تبنيها وتوسيعها وإدماجها في الصناعة الفعّالة للبلاستيك. 
1- التعبئة المستوحاة من الطبيعة
يطبق فريق جامعة pittburgh الهندسة النانوية لإنشاء مادة قابلة لإعادة التدوير يمكن أن تحل محل العبوات المعقدة متعددة الطبقات التي لا يمكن إعادة تدويرها, هذا يشبه الطريقة التي تستخدم بها الطبيعة بضعة وحدات بناء جزيئية فقط لإنشاء مجموعة كبيرة من المواد. 
2- التعبئة القابلة لإعادة التدوير بمساعدة المغناطيس
تقترح Aronax Technologies Spain إضافة مغنطيسية يمكن تطبيقها على مادة ما، مما يخلق عزلًا أفضل للهواء والرطوبة وهذا يجعله مناسبًا لحماية المنتجات الحساسة مثل : القهوة والمنتجات الطبية بينما لا يزال من الممكن إعادة التدوير, وستزود المادة المضافة وهي جزيئات صغيرة تشبه صفائح السيليكون وأكسيد الحديد البلاستيك بقدرات أفضل بكثير لمنع الغازات مثل : الأكسجين، ولكن يمكن تحديدها وفصلها في مرحلة إعادة التدوير.
3- التعبئة من فضلات الطعام
توجد دورة كاملة من البلاستيك الحيوي، التغليف الأيضي، والتسميات ذات الصلة والتغليف مما يجعل المواد عالية الأداء قابلة للتسخين من المواد المتجددة والمنتجات الثانوية الزراعية والنفايات الغذائية لتعبئة مجموعة واسعة من المنتجات من قضبان الجرانولا ورقائق البطاطس إلى منظفات الغسيل. 
4- "البلاستيك" مصنوع من الخشب
قام مركز أبحاث التقنية VTT في فنلندا بإنشاء مادة متعددة الطبقات قابلة للتحويل من المنتجات الثانوية الزراعية، والتي يمكن استخدامها في أكياس الطعام الجاهزة لمنتجات مثل : muesli  والمكسرات والفواكه المجففة والأرز, وتحتوي هذه المنتجات الثانوية الخشبية على cellulose وهو البوليمر المتجدد الأكثر وفرة على كوكب الأرض، مما يجعل هذه المادة الجديدة بديلاً بيئياً للمواد القائمة على وقود الحفري والتغليف البلاستيكي متعدد الطبقات. 
5-الأغلفة القابلة للتحويل

قام معهد fraunhofer لبحوث السيليكات ISC بتطوير طلاء بالسيليكات والبوليمرات الحيوية التي يمكن استخدامها في العديد من تطبيقات تغليف الأغذية وحماية تغليف البوليمر الحيوي والغذاء ضد التحلل السريع, يمكن للطلاء الجديد تحسين أداء التغليف الحيوي والقائم على التحلل الحيوي والذي لا يضمن وحده الحد الأدنى المطلوب من العمر الافتراضي للعديد من المنتجات الغذائية.
 

نقلة الإقتصاد التدويرى
وقالت Ellen MacArthur في ردها على الإعلان عن المشاركات الفائزة : "إن هذه الابتكارات الفائزة تظهر ما هو ممكن عندما تتبنى مبادئ الإقتصاد التدويرى", "تستمر عمليات التنظيف في لعب دور مهم في التعامل مع تبعات أزمة البلاستيك المهدر لكننا نعلم أنه يجب علينا القيام بالمزيد, نحن بحاجة ماسة إلى حلول تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة".
في عام 2016 ، أصدرت مؤسسة Ellen MacArthur أول تقرير إقتصادي جديد للبلاستيك، والذي أقرّ إحصائية مثيرة للقلق ومشتركة على نطاق واسع أنه إذا لم نغير من سلوكياتنا حيال صُنع واستخدام البلاستيك فإنه بحلول عام 2050 يمكن أن تحتوي المحيطات على مواد بلاستيكية أكثر من الأسماك, رأى متابعي قناة BBC ومسلسل "blue planet 2” هذا القلق الذي أثار الحياة في العام الماضي مما أدى إلى إرتفاع آخر في الإهتمام العالمي.
وقد دعت تقارير الإقتصاد البلاستيكى الجديدة إلى إعادة تصميم نظام البلاستيك تماشياً مع مبادئ الإقتصاد التدويرى، وهو تحول يتطلب تغييرًا في العقلية, لأننا نحاول قدر الإمكان وكمجتمع لم نحرز تقدمًا كبيرًا في مشكلة البلاستيك.
رمز إعادة التدوير كان موجودًا منذ أكثر من 40 عامًا ولكن 14 %  فقط من العبوات البلاستيكية تم جمعها بالفعل، منها 2 %  فقط تم إعادة تدويرها بشكل صحيح, يتم فقدان الباقي أثناء عملية إعادة التدوير أو يذهب إلى سلع ذات قيمة أقل, على الرغم من النوايا الحسنة إلا أن وعاء الزبادي الذي يُعاد تدويره ربما لن يولد من جديد كوعاء زبادي آخر, لذا فإن الهدف الجديد وفقًا لمؤسسة Ellen MacArthur هو "إقتصاد بلاستيكي جديد حيث لن يصبح البلاستيك أبداً نفايات أو يدخل المحيط في المقام الأول".
 
خلق تغيير على مستوى النظام

بينما الابتكارات الفائزة تقدم نوعية الحلول المطلوبة لبناء نظام بلاستيكى فعال، فإن هذه الفرق لا تستطيع قيادة التحول بمفردها, هذا هو السبب في أن جائزة الابتكار جزء من مبادرة الإقتصاد الجديد للبلاستيك وهي تعاون طموح بقيادة مؤسسة Ellen MacArthur ، بمشاركة مجموعة كبيرة من الشركات الكبرى والمدن وصانعي القرار والأكاديميين والطلاب والمنظمات غير الحكومية والمواطنين.
بعد الإعلان في Davos ، تعمل 11 علامة تجارية رائدة وتجار تجزئة وشركات تغليف على إستخدام 100 %  من العبوات القابلة لإعادة الإستخدام أو القابلة لإعادة التدوير بحلول عام 2025 أو قبل ذلك, معًا تقدم هذه الإلتزامات الجريئة جنبًا إلى جنب مع الحوافز السياسية الصحيحة والداعمين للحل الجذرى لنا أفضل فرصة لإنشاء نظام البلاستيك الفعال.
شعار "خذ، اصنع، تخلص منه" للعالم الذي نعيش فيه, إذا أمكننا جعل نظام التعبئة البلاستيكي متوافق مع إطار الإقتصاد التدويرى، فهناك اعتقاد بأن الصناعات الأخرى يمكن أن تحذو حذوها.

الرابط مصدر المقال

Halla Hassan

Halla Hassan

مترجمين المقال