تعرف إلى لوسي ذات الثلاثة ملايين عام......سوف تخبرك الكثير عن الإرث الأفريقي الحديث

       "لوسي، تريد أن ترى لوسي؟!" 
إنه إعلان الجولات السياحية الجديد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ حيث تلمع لوسي في الكتيبات السياحية كواحدة من وسائل الجذب في الدولة الشرق أفريقية. كما تظهر في كلية التاريخ الثقافي عند مدخل المتحف الوطني الإثيوبي. ومن الواضح أن الإثيوبيين فخورون بـ"لوسي"، فهي عينة بشرية ذات شهرة خاصة، ووسيلة جذب للتراث الثقافي.

  تعرف إلى لوسي، أو دينكنش، وهذا يعني "أنت رائع" في الأمهرية، في بهو المتحف الوطني الإثيوبي. 
"مرحبا، أنا لوسي"، تحية رسم تخطيطي ل أسترالوبيثكس أفارنسيس. "لدي تقريبا 3.2 مليون سنة من العمر، لكنني أسير باستقامة تامة". ثم تنتقل إلى اقتراح: "تفضل بلقاء أسلافي وأحفادي المشهورين عالميًا، جميعهم من إثيوبيا"، مفضيةً إلى زيارة معرض المتحجرات في الطابق السفلي.
إنه لأمر ملفت للانتباه أن تصبح لوسي، وهي مخلوقة تشبه القرد، سفيرة ثقافية شبه بشرية للتراث الأفريقي العريق في إثيوبيا. ماذا يعني وجود بقايا لأجدادنا للجنس البشري؟ وما طبيعة الأمور التي يخبرونها عن البلدان التي تعرضهم؟ وماذا يخبرون عن أفريقيا كمكان لـ"اكتشاف علمي"؟

تبسيط العلم المعقد:

  أحد الأسباب وراء بقاء الإنسان الأحفوري هو لأنه يساعد على جعل بقايا بيولوجية مربكة تتسم بقدر من المعقولية، كما أنه يبسط النتائج العلمية المعقدة لوسائل الإعلام. ولكن هذا التبسيط العلمي تنتج عنه مشكلات، فكثيرًا ما تتوقف هذه القصص على فكرة "الاكتشاف"، وهي كلمة مرتبطة بالاستغلال الاستعماري، وتعيد تدوير القوالب النمطية حول من يُسمح له بالإنتاج، وما تعنيه المعرفة العلمية الجديدة.

 دعونا نلقي لوسي. تقول حسابات وسائل الإعلام العامة أنها "اكتُشفت" من قبل دونالد جوهانسون في حدر، في وادي عفار الإثيوبي، عام 1974. وقد وجد الرفات صدفةً أثناء رجوعه مشيًا إلى سيارته بالقرب من موقع الحفر الأثري المستمر. احتفل الفريق بما وجدوه تلك الليلة، وقاموا بتشغيل موسيقى البيتلز، مما أدى إلى التسمية "لوسي"، بعد أغنية "لوسي إن زا سكاي ويز دايموندز".
 
وعلى نحو مختلف، يمكننا القول أن بقايا أنثى بشرية شبيهة بالقرود قد وجدت في دولة أفريقية نامية، من قِبل رجل ذي علم من أمريكا. ويصوَّر هذا الرجل الأبيض على أنه يتمتع بالقوة والخبرة والمهارة لاستعادة البقايا الأحفورية الأنثوية الثمينة في القارة السوداء. ويذهب الفضل إليه في الحفر والتعرف عليها وشرح أهميتها، باعتباره بطل العلم الشبيه كإنديانا جونز.
 
  إنها طريقة شائعة لشرح كيفية استخراج الأحافير البشرية في أفريقيا. فكر في كيفية العثور والتعرف على هومو ناليدي شمال غرب جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا، وكيف أصبح البروفسور لي بيرغر الصوت المهيمن في شرح أهميته العلمية. في الواقع، علم الآثار لا جري بهذه الطريقة.  يظهر مقال نيك شيبيرد: "عندما تكون اليد الحاملة للمجرفة سوداء ..."، أن قصص بسيطة مثل هذه تقضي على العمالية السوداء، وأن العقول البيضاء هي التي تذهب إلى إيجاد مثل هذه المكتشفات. وهذا يظهر أن الكشف عن البقايا الأحفوري الهامة غالبا ما ينطوي على دفن معلومات هامة حول من يجب أن يحصل على المكانة التي يجلبها الأمر.
 
قصة أجدادنا:
 
   يستخدم معرض المتحجرات في المتحف القومي الإثيوبي بقايا "لوسي" لإبراز التحولات في الزمن الغابر. إذ تعلن إحدى اللوحات "هذه البقايا تخبرنا قطة طويلة عن تحولات هائلة في طبيعة الأماكن والكائنات الحية والتقنيات. إنها تخبرنا القصة الطويلة عن أجدادنا".
  بالرجوع إلى السلفيات البشرية والروحية، يعد مصطلح "الأسلاف" مصطلحا تفسيرياً قوياً في أفريقيا. وتبين أبحاثي، على سبيل المثال؛ كيف أن "الأجداد" أخبروا عن التراث كما قدمته "فريدوم بارك" في جنوب أفريقيا.
 
   كما تبرز لوحات المعرض أيضا إثيوبيا كموقع خاص لبقايا المتحجرات، إذ أن لديها "السجل الأكثر اكتمالا وثراءً من أسلاف الإنسان والسجل الأطول من صناعة الحجر والأداة". 
 وفي الواقع، تعلن إحدى اللوحات أن "أقدم بقايا للهومو سابينز، النوع الأقرب إلينا، قد اكتشفت في إثيوبيا منذ حوالي مائتي ألف سنة".
   وأن إثيوبيا تقدم إسهامًا متميزًا في القصة الأفريقية للتطور البشري؛ إذ تقول لوحة: "إن أحافير أسلاف البشر توجد فقط في أفريقيا وليست في مكان آخر على الأرض". غير أن الحفريات الإثيوبية تكمل القصة الأفريقية للتطور البشري، كما تقول "لقد تم العثور على أحافير أسلاف البشر في وقت مبكر في العديد من البلدان الأفريقية"، وأيضًا "أنها تسهم في فهم عام للتطور في أفريقيا جنبًا إلى جنب مع الحفريات الاثيوبية ".
 
أين نشأ النوع الإنساني:
 
   المثير للدهشة أن المواقع التراثية في جنوب أفريقيا تقدم ادعاءات مماثلة. ماروبنغ وكهوف ستيركفونتين، على سبيل المثال، توصف بأنها "أقدم وأكثر مواقع حفر استمرارية في العالم". وتعرف باسم "مهد البشرية" موقع التراث العالم، فهي "معترف بها على نطاق واسع باعتبارها منشأ جميع البشرية". يمكن للزائرين أن يشعروا بارتياح مع شعار الشركة  "مرحبا في الديار".
 
   وكان هذا هو موقع التحولات الكبرى في تطور الإنسان. هذا هو المكان حيث تم اكتشاف أفضل دليل على الرحلة المعقدة التي عبرها أسلافنا لجعلنا ما نحن عليه". 
يقول الموقع: "كان أسلافنا قادرين على استخدام النار والسيطرة عليها قبل مليون سنة على الأقل في مهد البشرية". إنه مكان خاص في أفريقيا، "مهد البشرية ... حيث دفن حبلنا السري الجماعي".
 
   وليس بغريب أن تقدم هذه البلدان ادعاءات مماثلة ومتنافسة. إن الحفريات الأفريقية بقايا ذات قيمة، والكثير على المحك. وهي تشير إلى طرق إشكالية في الحديث عن علم الآثار كعلم "اكتشاف" في أفريقيا.
 تستخدم الحفريات كدليل يميز البلدان باعتبارها مواقع هامة في البحوث الأثرية. كما أنها تسمح للبلدان بتقديم ادعاءات بشأن أفريقيا، وحولها، وفكرة وصف أفريقيا بأنها مهد البشرية.
 وأخيرا، توفر لهم القدرة على جذب وترفيه وتثقيف السياح الزائرين، والحصول على إيرادات في هذا السياق.

الرابط مصدر المقال

Nada Mahmoud

Nada Mahmoud

مترجمين المقال