إعادة التدوير: هل يمكن للحوافز أن تحل محل القرارات الواعية؟

هل استطعنا أخيراً وضع عملية التخلص من النفايات تحت السيطرة؟ على الرغم من أن إجمالي عدد مدافن القمامة في جميع أنحاء البلد قد انخفض، إلا أن حجم مدافن القمامة اليوم أكبر ويستمر في النمو. وعلى مدار العشر سنوات السابقة، ظلت كمية النفايات التى يتم إرسالها إلى تلك المدافن شبه ثابتة. كيف تمكننا من الحفاظ عليها ثابتة دون زيادة؟ الإجابة هى إعادة التدوير. ومازالت كمية المخلفات التى يتم تحويلها لإعادة التدوير تزداد كل عام بنسبة 5%. هل بإمكاننا زيادة معدل إعادة التدوير هذا وتقليل كمية المخلفات التى يتم إرسالها لمدافن القمامة؟

لإعطائك فكرة عن مدى اختلاف محاولات إعادة التدوير فى بلادنا، كل ما علينا هو إلقاء نظرة خاطفة على معدلات إعادة التدوير فى بعض المدن: سان فرانسسكو (70%)، هيوستن، تكساس (3%)، نيويورك (34%)، شيكاغو، إيل (15%). ما الذى يجبر شخص ما على وضع زجاجة بلاستيكية فى سلة إعادة التدوير بينما يقوم آخر بإلقاء اخرى مماثلة فى سلة المهملات؟ يبدو أن سلوك إعادة التدوير يتأثر بعوامل مثل: الحكم، والتعليم، والوضع الإقتصادى وفرص الربح. 

إنها لفكرة مقبولة كون الاشخاص ذوى الإيمان والوعى البيئى هم من سيقومون بإعادة التدوير، لذا تنفق الحكومات والمعلمون الكثير من الوقت والمال لزيادة الوعى العام بعملية إعادة التدوير. لسوء الحظ، غالبا ما يتم توجيه التوعية بإعادة التدوير نحو ما يجب أن يحدث بدلا من تعزيز الإيمان البيئى. أظهرت إحدى الدراسات التى تمت فى مدينة نيويورك (حيث هناك قانون يحث على إعادة التدوير) أن المناطق ذات الدخل الأعلى تتمتع بمعدلات إعادة تدوير أكبر؛ هل يمكن أن نقول بأن المناطق ذات الدخل الأعلى لديها هيئات ذات مستوى تعليمى عالى أيضاً؟ إن جعل إعادة التدوير عادة عن طريق توفير الحوافز يبدو (على الأقل على المدى القصير) أكثر فاعلية من زيادة الوعى العام به. حتى أن تلك الدراسة وجدت أن الزجاجات والصفائح كان لديها معدلات إعادة تدوير أعلى 10% من الأوراق، لماذا؟ خمن الباحثون أن السبب يرجع لأنه يمكن استعادة خمسة سنتات نقداً من إعادة تدوير الزجاجات والصفائح، بينما لايتم استعادة شئ من الورق. وهو ما يبدو كجواب بسيط هنا!

فى الولايات المتحدة، تم إطلاق فكرة الحافز المادى إاعادة التدوير عام 1971، عندما أصدرت ولاية أوريغون قانون الإيداع الأول، الذي يتطلب من المستهلكين دفع وديعة على الزجاجات والصفائح، والتى يتم استبدالها عند إعادة تدوير المنتج. اليوم، إحدى عشر ولاية تفرض فواتير على الزجاجات؛ ولا مجال للمفاجأة إذا عرفنا أن الولايات التى تفرض وديعة مستردة على حاويات المشروبات لديها معدلات إعادة تدوير أعلى من تلك التى لا تفرض. حتى العام الماضى، تباهت كاليفورنيا بأن برنامجها البالغ من العمر 23 عاما كان الأكثر نجاحاً. ولم حتى العام الماضى؟ لأنه العام الذى اتجهت فيه الموارد المالية إلى القاع! مثل أوريجون، يفرض البرنامج رسوم إيداع على المشترى للمشروبات الغازية، والتى يتم استردادها مع إعادة التدوير.

ورغم ذلك، اتخذت كاليفورنيا خطوات أبعد، حيث تفرض رسوم على كل زجاجة، على موزعين المشروبات، والتى تذهب الى صندوق الدولة، كما أنها تنص على أن يتم إلحاق محلات البقالة بمنطقة خاصة بإعادة التدوير (وهو عمل منفصل يقوم بالتعامل مع الزجاجات المستردة). ولإتمام ذلك، أي محل بقالة لا يتم إلحاقه بتلك المنطقة تقوم الدولة بتغرين صاحبه بمائة دولار يوميا أو يفرض عليه أن يعيد نفقات المواد معادة التدوير نفسها.

المال، المال، المال! على مدار السنين، تم إنشاء العديد من الشركات حول ذلك البرنامج المثمر ،وفى ذروتها، بلغ معدل إعادة تدوير حاويات المشروبات 85% (91% منها للصفائح الألومنيوم). إذن، ماذا حدث؟ فى السنوات الأخيرة، ارتفعت معدلات سداد الدين وانخفضت مبيعات المشروبات، مما سحق إيرادات البرنامج المتوقعة. ومع ذلك، فإن تدفق الإيرادات المتدني لم يمنع الإدارة من استخدام 250 مليون دولار من صندوق فاتورة الزجاجات لسد الثغرات في الصندوق العام للدولة والبرامج الأخرى غير ذات الصلة. لاشئ يضاهى استخدام إعادة التدوير لإنقاذ الدولة! انه الخلاص فى أفضل أحواله!!

قامت شركة RecycleBank بأخذ حوازذ إعادة التدوير إلى مرحلة متقدمة. تم إطلاق الشركة عام 2004، وهى تعمل مع البلديات والمتعهدين لتقديم برامج مكافأة للعملاء المحليين. يربح المشاركون المحليون نقاط مكافأة وفقا لوزن المواد القابلة للتدوير التى يقومون بجمعها؛ هذه المكافآت قابلة للاسترداد عند تجار التجزئة مثل الصيدليات.

تخيل ءنك تربح نقاط على إعادة التدوير! "قلل، أعد الاستخدام وأعد التدوير" أصبحت الآن "أعد التدوير، اربح نقاط واستبدل!" حتى اليوم، قامت 20 مدينة بالولايات المتحدة، ووحدتين بريطانيين بالاشتراك. وفقا لمجلة نيويورك تايمز، تكلف شركة RecycleBank البلديات (أو الناقلين الخاصين، حسب الاتفاق) رسوما نقدية لكل أسرة، وتضمن للعملاء أنها ستوفر ما لا يقل عن ذلك بكثير في رسوم التخلص من النفايات عندما يتم تحويلها من مدافن القمامة والمحارق. كما تتلقى الشركة إيرادات من مصانع إعادة التدوير؛ اعتماداً على زيادة كمية المواد التى يتم معالجتها.

إعطاء المستهلكين الحوافز المادية لإعادة التدوير يؤدى بالفعل إلى زيادة معدلات التحصيل. ومع ذلك، فإن زيادة المعدلات لا تعنى بالضرورة نقص كمية المخلفات التى يتم إرسالها إلى مدافن القمامة. ومن الحقائق المعروفة في الصناعة أن البنية الأساسية لمعالجة وتسويق المواد القابلة للتدوير لم تواكب نمو حجم التحصيل. وتؤدى برامج التحفيز المادى أحياناً إلى مضاعفة معدلات التحصيل المحلية، وهو ما قد يجعل كمية المواد المجمعة تفوق السعة المتاحة للمعالجة. تحتاج الصناعة إلى مزيد من البنيات الأساسية الخلفية للتمكن حقاً من العمل فى نظام مغلق. كما يمكن استخدام العوائد التى تأتى من برامج الحوافز المادية للمساعدة فى تطوير الهياكل الأساسية. إن بناء بنية ءساسية سليمة مغلقة سوف يضمن أن المواد المستصلحة التي نجمعها لن تنتهي أبدا في مكبات القمامة.

ولإبقاء أي بنية اساسية لإعادة التدوير سليمة، يلزم توفير إمدادات مستمرة من المواد القابلة للاستصلاح. ويمكن أن تساعد الحوافز المالية لإعادة التدوير على ضمان عدم نفاد الإمدادات أبدا. ولكن، ماذا سيحدث لمعدلات التحصيل إذا توقفت المكافآت؟ أنا لست عراف، ولكنى أراهن على أن معدلات التحصيل ستنخفض. ولجعل إعادة التدوير عادة أمريكية متأصلة، يجب تعزيز الحوافز المالية بتدريس الفوائد البيئية لإعادة التدوير. وسوف يساعد التعليم البيئي المستمر الذي يستهدف المدارس والمجتمعات المحلية على جعل إعادة التدوير أكثر من مجرد صفقة مالية؛ بل سيجعلها قيمة أمريكية أساسية.

الرابط مصدر المقال

Nora Abdel Ghani

Nora Abdel Ghani

مترجمين المقال