أسينجح العرض التلفزيوني الواقعي "اكستريم ماك اوفر" بسويتو؟

شيء واحد للفلسفة الأكاديمية وآخر لوضع نظرية كل واحد في الممارسة العملية.
استنبط في موضوعي الخاص بشهادة الدكتوراه في الفلسفة حوار تداولي (و نظري) متجزرا في نظام التشغيل "ابونتو" والذي يفهم عموما " أنا ما أنا بسبب ما نحن عليه" تكون هذه الفلسفة الإنسانية الخاصة بجنوب أفريقيا أو نظرة العالم لأبونتو ذات طابع تعاوني, حيث أنها تشكل أساس الموقف السلمي للبلاد وانتقالها إلى الديمقراطية.
كيف تترجم هذه و الجدالات الأكادمية "الصوتية" و ما تمت صياغته بعناية إلي عمل ملموس نتعلم منه  ونتطور من خلاله؟ وقد أثارت أسئلة مثل ذلك مشروعي الأخير الذي هو عرض تلفزيوني واقعي قام في أكبر بلدان جنوب أفريقيا : بلدة سويتو, الذي قام بتجنب الصراعات والإثارة. التناقض؟ ربما يكون البرنامج نوعا ما في ملعب "التداول" و"التماسك" و"الانسجام" – وهذه تكون السمات الرئيسية لأوبونتو.
و يرتبط استغراقي مدة طويلة لتطويرهذا البرنامج التلفزيوني الواقعي بالاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام الممولة من الإعلانات، واقترح أن يكون النظر إلى "قيمة الصدمة" للمشهد المعاكس في برنامج "جيري سترينجر" غالبًا مرئية مسلية ومربحة أكثر عن النهج الواقعي، وانخفضت كثير من عروضي بسبب أنها "جادة جدًا" - على حد قول أحد المذيعين في المملكة المتحدة وبدلًا من ذلك، تشعر هذه الكيانات بالضغط لزيادة من أجل زيادة هوامش الربح عن طريق تفضيل المحتوى الدرامي الذي يجذب أعدادًا أكبر من المشاهدين، مما يرضي المعلنين في النهاية.
جهد مشترك
نشهد في بعض الأحيان أيضًا بدائل في الاتجاه العام، ومن الأمثلة على ذلك "النسخة المنزلية لبرنامج اكستريم ماك اوفر" التي ظهرت في الأصل على شبكة ABC التلفزيونية  في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه لا يعرض أي  خلاف أو صراع حقيقي. إذا كان أي شيء، يبدو أن العرض يتسم بطابع تعاوني عميق.
يظهر طاقم التصميم في برنامج "اكستريم ماك اوفر" عند باب الأسر المستحقة و يبني لهم بيتا جديد في خمسة أيام. لم يتم تنظيم البرنامج كمسابقة بل كجهد مشترك، وأحيانًا يتطوع فريق من عمال البناء من المجتمع للمساعدة في حين أن الأسر الضعيفة تتوجه إلى المنتجعات الصحية أو تذهب في عطلة. ومع ذلك، يأخد "المشهد" في هذا الحالة دورًا محوريًا، في حين أنه يوفر بديل منعشا إلى نظرائها الذين يتمتعون بقدر أكبر من المنافسة الواضحة ويضمن الأهتمام كشكل رائد، كما أن المفاهيم الأعمق للعرض لا تثير مشاكل البتة, و يشيرون إلى أن السلطة تعتبر شيئًا "يملك" وفي أفضل الأحوال شيئًا "يمنح". يصل في العرض مجموعة من الأشخاص ممن يمتلكون الكثير من القوة المادية (المواد والموارد الأقتصادية والوقت، إلخ) لمساعدة مجموعة من الأشخاص الضعفاء ماديًا وبنوا لهم منازل باهظة لا تتفق غالبًا مع وسائلهم ولا سيما الواقع الأجتماعي للحي العام.
لاتشارك الأسر في عملية البناء وتصبح متلقية سلبية لهذا الخير السخي المفاجئ، وتم التركيز على قصة آلامهم ومآسيهم العاطفية، ودفعوا العرض نحو ما يمكن وصفه بأنه شكل من أشكال " إثارة الفقر"، وعلاوة على ذلك تعد الاستدامة المالية والعاطفية علي المدي الطويل موضع شك كبير.
إستمرارية الروعة 

لتطوير هذا القالب من البرامج تم الإتفاق على برنامج آخر على أمل أن يقدم محتوى مختلف من الطاقة حيث تتواجد الطاقة وتبث طاقة أخرى بالتبادل، لذا اخترع الطاقم برنامجا ً للتحول في المظهرولكن ليس بالتحول الشديد يُعارض المثال الذكور أعلاه.

يعد البرنامج حاليا ً في مرحلة الإنتاج و لكن و بطبيعة الحال تُفضل قناة "الأمريكيين" تفاصيلا ً مثل العنوان لكي تقوم عرضه للجمهور حين تمامه، يقوم البرنامج على مجموعة من المصممين ذوي البشرة  السمراء من جنوب أفريقيا حيث يقومون بتغييرات متواضعة في مظاهر الأكواخ و المنازل بالضواحي في مناطق مختلفة بسويتو.

حدد فريق الإنتاج الفئات المستهدفة وهي العائلات التي تباشر أعمالا ًحرة والأفراد الكادحين، وشمل هذا التصنيف الخياطين المحليين ومُلاك صالونات تصفيف الشعر ومُلاك محال الوجبات السريعة ومنظمي الجولات السياحية بالإضافة إلى موفري المبيت والإفطار، تشاور فريق التصميم مع هؤلاء الأفراد لمعرفة كيف يمكن تحسين أماكنهم وتطوير السيولة وإضافة عناصر ديكور مُستخرجة و مُعاد تدويرها محليا ً.

ولهذا جاء الفريق بقدر هائل من الأثاث الخارجى والداخلي المصنوع من الصناديق، كما اُستخدمت مقاعد مصنوعة من إطارات السيارات وانحسرت مصادر الإنارة على زجاجات المشروبات الغازية بالإضافة إلى العديد من الحلول المبتكرة الأخرى والتي اُستخدمت لتظهر الإبتكار في حل المشكلة لا النقود، ولتجنب استمرارية مصطلح *"إثارة الفقر" لم يتجه تركيز الكاميرا إلى المظاهر القاسية في المستوطنات غير الرسمية حيث لم يتطرق الفريق إلى حالات العائلات وتاريخها أو حدودها.
ولكن حاول الفريق واحتفى بما حققه الأشخاص، كما تدارس كيفية إعلاء نجاحهم وشمل هذا توظيف مضيف من المنطقة للتدث باللغات المحلية، وقد تحرى هذا المضيف بإحترام وبدقة عن إستراتيجيات توجيه الأعمال مع الأشخاص المستهدفين، تابع فريق التصميم في وقت لاحق معهم بل ومع المجتمع كله لبدأ التغييرات و التي طالما أمل الفريق أن تشجع الأخرين للمحاكاة.
تجنب مآزق محتملة 

بدى الأمر جيدا ً؟ ربما، أشار ناقد أن منتج البرنامج ليس إفريقيا ً وأن القناة في الواقع هي قناة أمريكية، يعد هذا مأزق محتمل للتصديق، و لكن يكمن الخطر الأكبر في إنتهاء البرنامج دون تأثير بسبب محاولات الطاقم للقيام بالأمر الصحيح لا بالإختيارات التجارية (هذا بعيدا ًعن النقد السابق)، وعلى صعيد أخر تعامل الفريق مع أكثر الشخصيات غرابة طوال فترة البرنامج فلم يُقصد خلق صراع عن عمد، كما أنه لم تتوفر ميزانية ضخمة لإبهار المشاهدين عن طريق تقديم فرص أخرى مدهشة للأشخاص المستهدفين (وبالطبع لأسباب وجيهة)، هذا بالإضافة إلى الخوف من إنهيار كل شئ بعد ترك العائلات لذا كانت الخطة تطبيق تحسينات متواضعة للأماكن المستهدف إعادة تصميمها، علاوة على ذلك خطط الفريق للتواصل مع جميع العائلات بعد كل حلقة و الذي كان أمرا ً غيرسهل كما إكتشف الفريق فيما بعد.

شيئا ً واحدا ً بقى للفريق وهو حماسة من سمع عن طبيعة البرنامج و المشاركين فيه و الأكثر أهمية الشبكة التجارية التي تكفلت بإعداده، ما أعطى منتج البرنامج أملا ً و ثقة ً أن الأزمان تتغير وأن الشبكات تجازف رغم قلة النماذج المتوفرة مما يعطى المنتجين الفرصة لتجربة أفكارًا جديدة وإثبات قدراتهم.

يُعتقد أن الأفضلية الحالية للمشهد والصراع تعكس ذوقا ً ذا طابع زراعي تجاري وهو الذوق المشروط ثقافيا ً وتاريخيا ً، و الذي على الرغم من ذلك يمكن تغييره إذا أُتيحت الفرصة، فإذا قام الافتراض الذي يشبه مقولة أوبونتو بأنه إذا تم الإستيفاء عند المساهمة في جمع الإعلانات حينها ستتغير عادات المشاهدة لهذا النوع من الأفكار لدى قاعدة الجمهور الأكبر بطريقة إيجابية، وبحدوث هذا سيتمكن العديد من المنتجين بالقيام بالكثير.



*إثارة الفقر: هي محاولات من جانب الإعلام لإظهار حالات الفقرالمضجع لأسباب عدة منها جذب التبرعات أو استغلالها في إشعال الغضب ضد فئة معينة أو لإثارة مشاعر الشفقة والاستعطاف .

الرابط مصدر المقال

Khaled Madkour

Khaled Madkour

مترجمين المقال
هدير رضا فتحي

هدير رضا فتحي

مترجمين المقال