أحدث صيحات الموضة من البالة: طفرة يتزعمها مارد الأزياء العالمي H&M!

الملابس والبيئة . 

ما نرتديه اليوم من ملابس ماهو إلا إحدى عطايا البيئة, فإذا افترضنا أنّ عملية إنتاج قميص مُصنًّع من القطن يستلزم استهلاك مايًقرُب من 700 جالون من الماء بينما, يُكلِف إنتاج الألياف الصناعية البيئة1.5 تريليون من الغازات المُنبًعُثة والمودِية إلى الاحتباس الحراري سنوياَ لنرتدي تلك الملابس ولعل هذا ما دفع العلامات التجارية الرائدة في تلك المجال إلى انتهاج التجديد, وترويج إبداعاتها لجمهورها العريض نظراَ لما تُجابِهه عملية صناعة الأزياء من فحص دقيق لحِصادها البيئي ومن بين كُبرى الكيانات المَعنية بصناعة الملابس تًصدًّر العملاق العالمي للأزياء السريعة H&M  ثورة التجديد حاسِماً مكانته بنفسه. لذا فإنَّ أكبر تُجار التجزئة لم يُرَوجوا لأنفسهم كونهم رواداً في مجال شراء الأقطان المتجددة والألياف الصناعية المُعالِجة فحسب بل كونِهم رُعاة الطاقة المتجددة, والنظيفة في لوحاتهم الإعلانية, ولم يدفعهم إلي تسليط الضوء على الخامات النظيفة, والمعالجة إلا كلا من الوعي والضمير.
وإتساقاً مع مبدأ H&M في الحفاظ على البيئة الأم, وعطاياها, وما يَعكِسه من مبادرته الرامية إلى إعادة تدوير الملابس من خلال برنامج يقوم على منح خصومات, وامتيازات شرائية لكل من يتبرع بملابسه غير المرغوب فيها لمنافذ بيع الشركة المنتشرة حول العالم,التي تصل إلى 4500 منفذ في سبيل ضخَّ أسواق جديدة داعمة للمستهلكين,ومُكمِلة لمنظومة صناعة الأزياء بهم كعنصر أساسي مؤثر.

المصير المُنتًظر لما تبرعت به من ملابس؟

تُكثِف مجموعة H&Mجهودها بالشراكة مع شركة تدعى(I:CO) للعمل على الاستفادة المُثلى من تلك الملابس تبدأ بفرزها, ثم تخزينها.ومن المعلوم أن المُتبرعين بملابسهم عبر العالم توجهوا إلى أقرب الفروع في بلدانهم سواء أمريكا أوأوروبا, ولنتطرق إلى المثال الألماني بعدما شُحنِت إلى مصانعه الملابس عبر حقائب مُغلَقَة من الأعلي لتصل زُهاء 400 صنف مختلف من الأقمشة بعد فرزها, وتخزينها. وبحسب ماذكرته مديرة إدارة الاستدامة بمجموعة H&Mفرع المملكة المتحدة وأيرلندا (Catarina Midby) "أنَّه ضُخَ إلى السوق مؤخراً ما يُقارب من 60% من البالة والملابس المستعملة استعمالًا خفيفًا.".وتستطرد "بينما إذا غدت غير قابلة للاستخدام بعد ذلك أو حتى لإعادة المعالجة ستدخل خط إنتاج جديد لأغراض تنظيفية تتعلق بتنظيف الأثاث, والبيوت, والسيارات من الأتربة على شكل قصاصات ومماسح.".
ووفقاً لما وَرَد بتقرير الاستدامة الصادر عن المجموعة أنَّ شتى العلامات التجارية التابعة لها لم ينتُج عنها سوى 7,%من الخامات المُستخدَمة في إنتاج ملابس جديدة. ويَعزى ذلك إلى أنَّ المنسوجات تُفصَل آلياً خلال عملية مُعالجتِها ونظراً لكونها مُستهلَكة من قبل فإن أنسجتها مُعرَضة للضعف, والتلف بنسبة أكبر من المواد الخام لذا يَلجا صُناع الأنسجة إلى دمج تلك الألياف المُستهلُكة مع نسبة قليلة من الألياف الخام لأخراج نسيج أقوي أليافه متينة بما يكفي لاستخدامه في صناعات الأزياء.

استثمار مجموعة H&Mفي التقانات الحديثة .

مع تَزايُد معدل الاستهلاك العالمي للملابس غدت صناعة الموضة بصيحاتها تتطلع إلى المزيد من معالجة الملابس الهالكة, والسعي الحثيث بمنحى اكتشاف خامات طبيعية صديقة للبيئة. فإزاء 4 سنوات تبرعت مجموعة H&M بما يُقارب من 7 ملايين لمعهد هونج كونج لأبحاث النسيج والأردية بهدف إيجاد طرق مُتقدمة للنهوض بعملية المعالجة بما لا يَمِس البيئة.حيث قال الرئيس التنفيذي للمعهد (Edwin Keh)  "ماتوصلنا بصدده من اكتشافات تُعَد وسائل بديلة لإبداع التَحرر من صندوق النمطية متخطياً الازمة ليحولها إلى صفقة بيئية, لذا تستطيع اليوم العزل الذاتي للألياف المُتشكِل منها النسيج على حدى.".فالعمل من خلال مُختَبرات البحث المرموقة ذائعة الصيت حول العالم هيأ فرصة عظيمة لفريق (Edwin Keh) من تطوير تقنيات العزل لكلا من القطن, والألياف الصناعية. المقصود بعمليات العزل هنا العمليات التي لا تقوم على الآلية التقليدية بل التي تُسخِر كلا من الطاقتين الحرارية, والمائية بواسطة استخدام الماء, والحرارة, والضغط ,وبعض الكيماويات اللازمة لفصل الخامات نهائياً. ويضيف (Edwin Keh)  : "بالنسبة إلى الألياف الصناعية فنحن لا نتجه إلى الاشتغال عليه آليا فقط, بل كل مانحتاجة هو إعادة غزله لفصل النسيج كما ينبغي بشكل آمن .

جبل من الملابس .

 حتى لو تم تطوير أساليب إعادة التدوير لخلطات البوليستر, والقطن في كل مكان، فإنه سيكون من الصعب لأي برنامج إعادة تدوير إحداث تأثير في الكم الضخم من الملابس المستهلكة والتي تعيد تدوريهاH & M..فمنذ إطلاق برنامج إعادة تدوير الملابس في ربيع عام 2013 ، قالت الشركة إنها جمعت 56،000 طن من المنسوجات عالمياً ، أي ما يعادل تقريباً 260 مليون تي شيرت .فعلي الرغم من أنَّ H & M لا تصدر أرقام الإنتاج الخاصة بها ، إلَّا أنه قد تم عمل تقييم تقديرىً من خبير صناعة الأزياء في جامعة Delaware Sheng Lu يشير إلى أن الشركة قد باعت ما يصل إلى 1.3 مليار قطعة من الملابس في العام الماضي وحده .وعلي الرغم من أنَّه عدد كبير إلَّا إنَّ أورسولا دي كاسترو _وهي الشريكة في تأسيس ثورة الموضة _تقول:  " إنه لاشيء. إنه لا شيء , مهما قاموا بتجميعه فإنه لا شيء فهم ليس لديهم طريقة  فعالة للجمع وهذا هو مكمن المشكلة ولكنه مؤخرًا تم إدراك هذه المشكلة والعمل علي معالجتها " كما ترجع دى كاسترو  الفضل ل H&M  في جعل الأولوية للحفاظ على البيئة .
 
الحفاظ علي البيئة أم الموضة .

تقول كاتارينا ميدبي _وهي تعمل فى H & M_ بأنه لا يوجد أي تضارب  بين كلا من المستأجرين الدائمين والأزياء السريعة.وأضافت : "يمكنك القول دائماً ، من أجل أن تكون مستمرا  حقاً ، يجب أن تقلل من استهلاكك ، لكن في الوقت نفسه نحن شركة أزياء ولا نريد حقاً أن نعرض الأزياء للخطر من أجل الاستمرارية ". لكن كاستروكان لها رأى مختلف حيث تقول "طالما أن إنتاج النسيج له تأثير كبير على البيئة، كما أن تكنولوجيا إعادة تدوير المنسوجات محدودة للغاية ، فإن العلامات التجارية ستواجه المفاضلة بين الاستدامة والموضة ومن أجل ذلك عليهم أن يساوموا و يجب على الاطلاق التنازل .

ماذا يفعل المستهلك ؟

إعادة تدوير المنسوجات ليس مجرد فحصًا فارغًا يسمح للمستهلكين بشراء الملابس دون تمييز ومحو الأثر البيئي لإنشائها إذن ما الذي سيفعله المستهلك ؟  إقترحت كيت بلاك _ مؤلفة مدونة وكتاب الموضة المستدامة "Magnifeco"_ بأنَّه يتم تبادل الملابس فيما بين الناس والأصدقاء كما يتبادلون أكواب الشاي والرويات بالإضافة إلي أنَّه عند عملية الشراء يجب أن نبحث عن العلامات التجارية التي نتثق في سجلها البيئي ، وننظر إلى جودة الملابس أكثر من سعرها ، عدم الاستسلام لجاذبية السعر الرخيص عند شراء الملابس ، فعلي سبيل المثال ما الجدوي من شراء قميص بقيمة 10 دولار وانت تعلم أنَّه لن يكون صالحًا للإرتداء بعد عملية الغسيل الأولي بينما تسطيع شراء قميص عالي الجودة  بقيمة 40 دولار وتظل ترتديه ما يقرب من عام كامل دون أن يتلف  بالإضافة إلي أنَّه عندما تحصل على شيء ما في المنزل تعامله بشكل رائع من خلال الغسل بالماء البارد وترك الملابس في الهواء الجاف يوفر الطاقة ويجعلها تدوم لفترة أطول . وأخيرًا ، عندما تنتهي من استخدام  ملابسك ، لا ترميها . حتى إذا كانت معظم ملابسنا لا يمكن إعادة تدويرها حاليًا في ملابس جديدة ، إلَّاأنَّه يمكن تحويلها إلى خرق أو تمزيقها ويتم استخدامها فعلى الرغم من أنَّه قد لا يبدو أن استخدام هذه الملابس مرة أخرى لن يتم ، لكنه لايزال هناك حياة إضافية لها ".

ترجمة : دعاء منير و ايه محمد حسن
مراجعة :إسراء معوض

الرابط مصدر المقال

Doaa Mounir

Doaa Mounir

مترجمين المقال