الوقت يداهمنا كلما استمر "عصر البشر"!

  يحب البشر أن يعتقدوا أنهم يحكمون هذا الكوكب....بل وأنهم مخلوقون لذلك السبب!  ولكن قيادتنا لم تكن ناجحة على الإطلاق. ربما آخر حدث انقراض كبير، الذي وقع قبل 66 مليون سنة، كان سببه نيزك. ولكن حدث الانقراض الجماعي التالي، الذي يجري الآن هو خطأنا. وقد أعطى الجيولوجيون هذه الحقبة في تاريخ الأرض اسما جديدا ليعكس دورنا: الأنثروبوسين؛ ألا وهو عصر البشر.   إنها المرة الأولى في تاريخ الأرض التي يهيمن فيها أحد الأنواع على الأنواع الأخرى. وتبلغ أرقام "الآخرين" حوالي 10 مليون نسمة. وغالبية ذلك الرقم هي اللافقاريات، ألا وهي الحيوانات من دون العمود الفقري. ليست كلها صغيرة جدًا فيبلغ طول بعض الحبار وقناديل البحر عدة أمتار.  إنهم مشغولون في الحفاظ على نسيج العالم من حولنا! غلى الرغم من أن معظمها صغير ومتواضع وتختبئ  في رؤية واضحة. إلا أنهم أساس جميع النظم الطبيعية. فتلك الحيوانات تجعل التربة خصبة، وتلقح الزهور، وتنشر البذور، وتعيد تدوير المغذيات ذو قيمة مرة أخرى في التربة. كما أنها غذاء لكثير من الطيور المحبوبة، وتضع الحيوانات الصغيرة الأخرى في الحسبان عن طريق أكلهم أو تحويلهم إلى طفيليات. ومع ذلك معظمنا غير واعي للأدوار الكثيرة لهذه الحيوانات الصغيرة. فإذا أختفت جميع خدمات تلك الحيوانات غدًا، سوف تنقرض العديد من النباتات قريباً. وسوف تضيع المحاصيل بين عشية وضحاها. وتموت الكثير من الطيور بسبب نقص الغذاء، ويتوقف تكوين التربة إلى حد كبير. كما أن التأثيرات المفاجئة ستكون ضخمة مع انهيار الشبكات الغذائية. سوف ينهار العالم حرفيًا. لذا كيف يمكن إنقاذ جميع الحيوانات الصغيرة؟إنقاذ الحيوانات الصغيرة    تعتمد الأجيال القادمة على تلك الحيوانات الصغيرة، لذا يجب أن نركز على زيادة الوعي بين الشباب حيث أظهرت البحوث أن الأطفال مهتمون جوهرياً بمعرفة ما هو النحل، والكريكيت، والفراشة أو الحلزون. إن عالمهم الصغير هو على نفس مستوى هذا العالم الصغير من الحشرات وجميع حلفائهم دون العمود الفقري. ولكن الغريب أننا بينما نهتم بأطفالنا، فإننا لا نهتم كثيراً بتلك المخلوقات الصغيرة التي يعتمد عليها أطفالنا الأن وفي المستقبل.

يجب على الأطفال أن يتعلموا أن النحل هو ما يحافظ على الأنواع النباتية المزهرة ويجعلها على قيد الحياة وبشكل جيد. والجراد هو ما يعيد تدوير الإحتياجات الغذائية النادرة للنباتات. والدودة الألفية هي ما تجعل الأرض خصبة والخنفساء هي ما توقف الآفات من تناول جميع طعامنا.

يجب أن نعلم الأطفال بوجود وأهمية هذا العالم المصغر. فربما يكون ذلك أحد أفضل الأشياء التي يمكن القيام به لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة في المستقبل في هذا العالم الملئ بالفوضى.   إن الإدراك لما تقوم به الأنواع المختلفة من الحيوانات للحفاظ على النظم الإيكولوجية أمر بالغ الأهمية لفهم مدى تعقيد العالم من حولنا. مشيراً إلى أن النحل يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع الزهور وهكذا يتم إنتاج البذور والنمل هو ما ينظف أرض الغابات حيث أنه يأخذ جميع حطام الحيوانات الأخرى، ويرقانة الفراشة تغذي التربة من خلال التبرز فيها. ثم يمكننا أن نقفز من الناحية النظرية إلى المشهد كله، حيث أن هناك الملايين من المخالب الصغيرة، والفك والأسنان تعقد، تمضغ وتمتص الرحيق في كل وقت، على الرغم من أننا نادراً ما نرى ذلك يحدث. المجتمعات الطبيعية  وهناك طريقة جيدة لفهم هذا التعقيد وهو عرض مجتمع صغير مكون من 1000 نوع. وهذا يمكن أن يؤدي إلى نصف مليون تفاعل بين الأنواع المختلفة. ومع ذلك فإن المجتمعات الطبيعية المحيطة بنا عادة ما تكون أكبر بكثير من ذلك.

وهذا يجعل فهم هذا العالم شئ محير للعقل، ويجعل الحفاظ على تعقيده شئ غير عملي للغاية. بينما نستخدم الرموز المفاهيمية، مثل النحل والفراشة, فإن الهدف الفعلي من أجل الحفظ هو الحفاظ على المناظر الطبيعية بحيث يمكن أن تستمر جميع العمليات الطبيعية كما لو كانوا بدون البشر.   وقد وضع علماء الحفظ نهجاً واستراتيجيات تحافظ على سلامة جميع العمليات الطبيعية في مجالات محددة. وتشمل العمليات التي يتم حفظها الأنشطة السلوكية، والتفاعلات البيئية والإتجاهات التطورية. يعتبرهذا النهج العام فعال للغاية للحفاظ على التعقيد الكبير في العالم الطبيعي. ولكن هذا لا يعني أنه يتم تجاهل أنواع خاصة. يعمل علماء حفظ الكائنات الصغيرة على وضع استراتيجيات تعمل على ثلاثة مستويات:المستوى الأول هوعلى نطاق أوسع من المناظر الطبيعية.  - المستوى الثاني هو مقياس متوسط لملامح المناظر الطبيعية، والتي تشمل ميزات مثل الجذوع والبرك والشقوق الصخرية، وبقع من النباتات الخاصة، وغيرها.  - المستوى الثالث هو الحجم الأصغر للنوع الفعلي.ويتعلق المستوى الثالث بنطاق مفاهيمي لأن بعض الأنواع المعينة تحتاج إلى مساحات كبيرة من أجل البقاء على قيد الحياة. وعلى هذا النطاق الدقيق من الأنواع، يركز علماء الحفظ على الأنواع المحددة والمهددة التي تحتاج إلى عناية خاصة في حد ذاتها. ومن الأمثلة على ذلك حشرة أماتولا مالاشيت الجميلة، التي تعيش في جبال كيب الشرقية في جنوب أفريقيا، والتي تعتبر معرضة للخطر.   إن الفكر المشترك هو أن النمور والحيتان والببغاوات هم من يجب الحفاظ عليهم. ولكن هناك المئات، إن لم يكن الآلاف، من المخلوقات الصغيرة التي تحتاج جميعاً إلى تركيز حفظ خاص مثل النحل على سبيل المثال. ويزداد هذا التركيز أهمية كبيرة في كل عام، إن لم يكن كل يوم  يمر. من المهم أن نفكر ونحافظ على كل هذه الحيوانات الصغيرة التي تشكل المنصة لبقائنا في المستقبل على كوكب الأرض.  الوقت يداهمنا كلما استمر  عصر البشر!!  إن وضع الاستراتيجيات التي تحافظ على أكبر عدد ممكن من الحيوانات، جنبًا إلى جنب مع بقية التنوع البيولوجي، ليست رفاهية للمستقبل. فمن الممكن وضع استراتيجيات جديدة، لا سيما في المناطق الزراعية والغابات حيث يكون الهدف هو تحسين الإنتاج إلى أقصى حد ممكن مع الحفاظ على التنوع البيولوجي والحفاظ على وظيفة النظم الإيكولوجية الطبيعية. 

الرابط مصدر المقال

Mirna Bakir

Mirna Bakir

مترجمين المقال