مستقبل القوارير الزجاجية بين إعادة التعبئة وإعادة التدوير

منذ بضعة أيام، بينما أفرز كومة من القوارير الزجاجية في المنزل من أجل إعادة تدويرها وإعادتها، أُثير السؤال التالي في ذهني: لم هذا الأمر معقد جدًا؟ بعض القوارير قابلة لإعادة الاستخدام ومن المفترض أن يتم إعادتها إلى تاجر التجزئة من أجل استرداد وديعة العبوات. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، لأن الشركات المختلفة تبيع منتجاتها بواسطة تجار تجزئة مختلفين. ولا تقبل المتاجرالعبوات القابلة لإعادة الاستخدام من المنتجات التي لا تبيعها. لذلك، يجب أن أجد تاجر تجزئة محدد لكل نوع من القوارير القابلة لإعادة الاستخدام. وعندئذ، أُثير سؤال آخر: لم لا تكون جميع القواريرمتطابقة وقابلة لإعادة الاستخدام كما في الماضي؟

استخدام القوارير القياسية المتطابقة:
يعد إلقاء عبوات الحليب والماء والبيرة والمشروبات الغازية وغير ذلك بعد استخدامها مرة واحدة فقط مفهومًا جديدًا نسبيًا. قبل الحرب العالمية الثانية، كانت تباع جميع السوائل المعبأة في قوارير زجاجية قابلة لإعادة التعبئة. في الآونة الأخيرة، لقد تم استبدال العديد من القوارير الزجاجية القابلة لإعادة الاستخدام بالعبوات المصممة للاستخدام الواحد: مثل القوارير البلاستيكية الأقل تكلفة والقوارير الزجاجية الرقيقة وعلب الألمنيوم. وفي الوقت الحاضر، يمكن إيجاد عدد قليل جدًا من المنتجات المعبأة في عبوات زجاجية قابلة لإعادة الاستخدام في المتاجرفالعبوات الزجاجية يعاد تدويرها ولا يعاد استخدامها. كل ما نعرفه، أن إعادة الاستخدام تكون أعلى في التسلسل الهرمي للنفايات من إعادة التدوير. يقدر متوسط معدل إعادة التدوير الحالي في أوروبا بنحو 54% ويقدر معدل إعادة الاستخدام بنحو 7%. هل يمكن أن تكون إعادة الاستخدام أكثر جاذبية مما هي عليه الآن؟
تخيل أن جميع الشركات تستخدم القوارير القياسية المتطابقة، فكم سيكون الأمر سهلاً إذا تمكنا من إعادة أي قوارير قياسية فارغة قابلة لإعادة الاستخدام إلى أي متجر أو أي مكان آخر لتجميع القوارير حيث يمكن بعد ذلك معالجتها ونقلها إلى شركة المشروبات من أجل تطهيرها وإعادة تعبئتها. وكم عدد الموارد والطاقة التي سيتم توفيرها؟ سيؤثر توحيد القوارير على سلوك المستهلكين مما يجعل إعادة القوارير أمرًا سهلاً وكذلك يزيد من معدلات إعادتها.

لمَ تمثل إعادة الاستخدام مشكلة بالنسبة لشركات المشروبات؟
بصورة أساسية، يكون التنظيم لتجميع القوارير الفارغة وشحنها أمرًا مشتركًا بين شركات المشروبات وتجار التجزئة. فهم يتجنبون هذه العملية لأن تجميع وفرز ونقل القوارير الفارغة القابلة لإعادة الاستخدام تتطلب تسهيلات خاصة ومنطقة تخزين وبعض جهود العمالة. سيؤدي استخدام القوارير القياسية إلى تسهيل عمليات الجمع والفرز لأن القوارير ستكون متطابقة تمامًا. وكذلك يؤدي إلى تسهيل التخزين والشحن لوجود أنواع قليلة فقط من العبوات. وستكون إعادة الشحن لأحد الشركات المحلية التي تستهلك هذا النوع من التعبئة على سبيل المثال مصنع البيرة المحلي. تخيل أنك في مدريد وتريد الحصول على مشروبك الغازي المفضل أو البيرة التي يتم إنتاجها في ألمانيا. من الواضح أن إعادة القارورة الفارغة إلى ألمانيا لا معنى له. والآن، تخيل استخدام قوارير قياسية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي أو حتى في جميع أنحاء العالم. سوف تحصل على مشروبك الألماني المفضل في مدريد ولكن سيُعاد استخدام القارورة في إسبانيا من قبل شركة مشروبات محلية. إن تطهير القوارير الملوثة أكثر صعوبة وفوضوية بالمقارنة مع تطهير القوارير الجديدة ولكن إذا أخذنا في الاعتبار الفوائد الناتجة من توفير الموارد والطاقة، فسنجد أن الأمر يستحق النفقات الإضافية.

فوائد توحيد التعبئة:
تؤدي إعادة التعبئة إلى استخدام طاقة أقل لاستخلاص المواد الخام وتصنيع قوارير جديدة. وسوف تستهلك القوارير القابلة لإعادة التعبئة التي تبلغ في المتوسط 25 رحلة طاقة أقل بنسبة 93% من القوارير الزجاجية ذات الاستخدام الواحد التي تحتوي على نفس كمية المشروب. إن مؤشرات احتمالية حدوث الاحترار عالمي (بمعادل ثاني أكسيد الكربون) واستخدام الطاقة (بوحدة MJ) الخاصة بالقوارير الزجاجية القابلة لإعادة الاستخدام هي الأقل من بين كل أنواع العبوات (البولي إيثيلين تيرفثالات، والألمنيوم، إلخ)، بينما نفس هذه المؤشرات الخاصة بالقوارير الزجاجية ذات الاستخدام الواحد هي الأعلى.

تعزيز استخدام العبوات الزجاجية القياسية:
توجد أنظمة لإعادة استخدام العبوات الزجاجية، وقد تم اتخاذ مبادرات عديدة في مختلف البلدان -سواء نجحت أو لم تحقق النجاح المطلوب- لتعزيز استخدام القوارير القابلة لإعادة التعبئة. وحاليًا، تستخدم العديد من الشركات العبوات القابلة لإعادة التعبئة ولكن هذه العبوات ليست قياسية، كما أن المنتجات المختلفة للشركة الواحدة تُعبأ في عبوات مختلفة في الشكل والحجم واللون. وبالأخذ في الاعتبار العائد المنخفض من العبوات القابلة لإعادة التعبئة، فإن هذه العبوات تشبه كثيرًا العبوات غير القابلة لإعادة التعبئة من حيث إهدار الموارد والطاقة. إن تعزيز نظام العبوات الزجاجية القياسية يعود بالنفع على كل الأطراف المعنية وأيضًا للمجتمع ككل. ومن أجل تعميم هذا النظام، ينبغي أن يشارك أصحاب المصالح وأن يعملوا سويًا وينبغي على الجميع أن يشاركوا بمجهودهم وبوسائلهم أيضًا.
[ol]
  • المنظمات الغير حكومية: يمكن للمنظمات الغير حكومية أن تشارك عن طريق إقامة اتصالات مع منظمات المشروبات، وتعزيز استخدام القوارير القياسية، والتفاوض بشأن متطلبات الشركات، واقتراح تحسينات للنظام العائد.

  •  الحكومة: تفرض الحكومة الضرائب عادةً على العبوات وفقًا للمواد المصنوعة منها وإمكانية إعادة تدويرها. وينبغي على الضرائب والرسوم أن تروّج ماليًا للمشروبات المباعة في القوارير القابلة لإعادة التعبئة أكثر من العبوات أحادية الاستخدام.

  • الشركات: توضح جميع الشركات مدى اهتمامها بالبيئة. فبعض الشركات تمتلك بالفعل القوارير القابلة لإعادة التدوير ونظام لإعادة التعبئة. إن المشاركة في النظام باستخدام القوارير القياسية يعود بالنفع عليهم ويمكنها أن تقدم لهم فرص أخرى للسوق أيضًا.

  • المجتمع والعملاء: إن العملاء هم القوة التي يمكنها أن تؤثر على الشركات لاستخدام أو عدم استخدام القوارير القياسية لأن الاختيار في السوق يرجع إليهم. كما أنهم مسؤولون عن إعادة تعبئة أو إعادة تدوير العبوات الزجاجية الفارغة.

  • [/ol]
    وينبغي على الحكومة والمنظمات الغير حكومية وحتى الشركات من خلال إعلاناتهم أن يبذلوا جهودًا لتوعية المجتمع بشأن مميزات إعادة استخدام القوارير الزجاجية. وفي كاسي، إننا نحث كل مجموعات أصحاب المصالح على المشاركة في المناقشات وتقديم رؤاهم بشأن المستقبل المستدام. وبالنسبة لمواطني كاسي، على سبيل المثال، فقد طوروا رؤية حول البحوث والقرارات المتعلقة بالمجتمع المدني النشط من أجل التنمية المستدامة، وعلى وجه الخصوص، حول مشاركة الجهات الفاعلة في مجال الأعمال لتقديم الاستدامة كهدف رئيسي للعمل. إن المشاركة العامة في الأبحاث، والتعليم، واتخاذ القرارات ذات أهمية عظمى لجهودنا المشتركة، التي تهدف إلى تشجيع التعلم عن البيئة والاستهلاك المستدام. إن المستهلكين هم الوحيدون الذين يقررون مستقبل القوارير الزجاجية ما بين إعادة التعبئة أو إعادة التدوير.

    مراجعة: هلا احمد

    الرابط مصدر المقال

    Hoda Abdallah Attia

    Hoda Abdallah Attia

    مترجمين المقال