حقيقة عملية إعادة تدوير المخلفات

 أصبحت عملية إعادة تدوير المخلفات محط أنظار في الفترة الراهنة مما أدي الي ظهور بعض التسؤلات عن عملية إعادة التدوير. هل تستحق كل هذا الجهد؟ كيف تتم عملية التدوير؟ هل يتنهي الحال بالمواد المُعاد تدويرها في مكب نفايات في الصين؟
 
وإليك بعض الإجابات.....

  تبعاً لأحصائيات الأتحاد الأوروبي, فمنذ 1960 وحتي الأن كمية النفايات التي يتم جمعها من أمريكا وصلت ثلاثه أضعاف ما كانت علية أي أن 25 مليون طن عام 2005 من النفايات التي تم انتاجها في غرب أوروبا أزذادت بمعدل 23% في المدة ما بين 1995و 2003 لتصل إلى 557 كيلوجرام للفرد الواحد علي الرغم من أن الخطط التي وٌضعت كانت في الأصل تهدف لتقليل نصيب الفرد ليصل إلي 2 كيلوجرام بحلول عام 2000 .
   هذه بجانب أن حجم المخلفات يزداد وكذالك تزداد مجهودات إعادة التدوير ففي 1980 قامت أمريكا بتدوير 9.6% من مخلفاتها فقط ولكن الآن معدل تدوير المخلفات وصل إلى 32% وتقف أوروبا أيضاً عند نفس المعدل. 

  ولكن هناك بلاد كأستراليا ونيوزلاندا  يصل معدل تدوير مخلفاتها إلى 60% أو أكثر أما بالنسبة لبريطانيا فنسبة تدوير مخلفاتها بطئية نوعًا ما حيث تقف عند 27% ولكن معدل النمو لديهم سريع حيث تضاعف معدل إعادة التدوير لديهم في أخر ثلاث سنوات.

 وعلي الرغم من ذلك، عندما تقوم دولة ما بإدخال نظام كربسيد لأعادة التدوير (نظام يتضمن جمع مخلفات المنازل بهدف إعادة تدويرها عن طريق شاحنات تدور الشوارع لحمل النفايات ومن ثم فصلها وتصنيفها وإعادة تدويرها ) وبرؤية كل تلك الشاحنات حولنا تٌثار الشكوك حول ما إذا كانت عملية جمع ونقل المخلفات تحتاج لجهد أكثر مما توفره عملية إعادة التدوير. 

  وتقول "جوليان بارفيت"، المحلل الرئيسي في برنامج "واست أند ريسورسز أكتيون"( (WRAP، وهي شركة بريطانية غير ربحية، تشجع على إعادة تدوير وتطوير أسواق المواد المعاد تدويرها: 
"نحن نسأل باستمرار: هل عملية إعادة التدوير تستحق العمل على أسس بيئية؟"

  ويمكن للدراسات التي تنظر إلى دورة الحياة بأكملها من منظور  معين تسليط الضوء على هذا السؤال في كحالة خاصة،
  ولكن قرر وراب(WRAP) اتخاذ نظرة أوسع. فقد طلب من الجامعة التقنية في الدانمرك ومركز الموضوع الدانمركي المعني بالنفايات إجراء استعراض ل 55 تحليلا لدورة الحياة، اختيرت جميعها بسبب منهجيتها الصارمة. 
  ومن ثم قام الباحثون بعمل أكثر من 200 سيناريو، حيث قارنوا تأثير إعادة التدوير بدفن أو حرق أنواع معينة من النفايات. ووجد الباحثون أن 83٪ من جميع السيناريوهات التي شملت عملية إعادة التدوير، كانت أفضل حقًا للبيئة.

 واستناداً إلى هذه الدراسة، يعتقد وراب(WRAP) أن جهود إعادة التدوير البريطانية تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار  من10-15 مليون طن سنويًا. وهذا يعادل انخفاضًا بنسبة 10٪ في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في بريطانيا فقط من وسائل النقل، أو ما يعادل تقريبا أخذ 3.5 مليون سيارة قبالة الطرق. وبالمثل، تقدر وكالة حماية البيئة الأمريكية أن إعادة التدوير خفضت انبعاثات الكربون في البلاد بمقدار 49 مليون طن في عام 2005.

عملية إعادة التدوير له فوائد أخرى كثيرة أيضا؛
  فهي تحافظ على الموارد الطبيعية. كما أنها تقلل من كمية النفايات التي تدفن أو تُحرق، وبالكاد توفر طرق مثالية للتخلص من الاشياء. (تأخذ مدافن القمامة مساحة واسعة وتنبعث منها غاز الميثان، وهو غاز قوي من الغازات الدفيئة؛ 

  وعلى الرغم من أن المحارق ليست ملوثة كما كانت في السابق، إلا أنها لا تزال تنتج انبعاثات ضارة، ولذلك يكره الناس وجودها). ولكن ربما تكون الفائدة الأكثر قيمة لإعادة التدوير هي التوفير في الطاقة والحد من الغازات الدفيئة والتلوث الذي ينتج عند استبدال المواد الخردة بالمواد الخام البكر. 

  يقول "جيفري موريس" من شركة ساوند ريسورس مانجمنت، وهي شركة استشارية مقرها في أوليمبيا بولاية واشنطن: 
«إذا كنت تستطيع استخدام المواد المعاد تدويرها، فلست مضطرًا إلى إزالة الخامات وقطع الأشجار والحفر للنفط بقدر أكبر».

  إن استخراج المعادن من المواد الخام، على وجه الخصوص، هي عملية مكثفة للطاقة بشكل كبير. فإعادة تدوير الألومنيوم، على سبيل المثال، يمكن أن تقلل من استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 95٪. الوفورات التي تحققها المواد الأخرى أقل ولكن لا تزال متواجدة: فحوالي 70٪ للمواد البلاستيكية و 60٪ للصلب و 40٪ للورق و 30٪ للزجاج.
   كما أن عملية إعادة التدوير تقلل من انبعاثات الملوثات التي يمكن أن تسبب الضباب الدخاني والأمطار الحمضية وتلوث الممرات المائية.

موجز حول عملية إعادة التدوير
  تم تقدير أهمية عملية إعادة التدوير منذ قرون. فمنذ آلاف السنين تم إعادة تدوير المواد المعدنية عن طريق الذوبان وإعادة استخدامها في الأسلحة أو الأدوات الجديدة. 
  ويقال أن القطع المكسورة من تمثال "رودس"، وهو تمثال يعتبر واحدًا من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، أعيد تدويرها للخردة. خلال الثورة الصناعية، بدأت عملية إعادة التدوير لتشكيل الشركات والاتحادات التجارية في وقت لاحق، والتعامل في جمع وتجارة ومعالجة المعادن والورق.

   ويتبع معهد أمريكا لصناعات إعادة تدوير الخردة (ISRI وهي رابطة تجارية مع أكثر من 1400 شركة عضو، تمتد جذورها إلى إحدى هذه المنظمات التي تأسست في عام 1913.
  وفي الثلاثينيات من القرن العشرين نجا كثير من الناس من الكساد  الاقتصادي الكبير عن طريق بيع قصاصات من المعادن والخرق وغيرها من العناصر.
 
   وفي تلك الأيام كانت عملية إعادة الاستخدام وإعادة التدوير في كثير من الأحيان من ضمن الضرورات الاقتصادية. وقد لعبت عملية إعادة التدوير أيضًا دورًا هامًا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما تحولت الخردة المعدنية إلى أسلحة.
  ومع بدء المجتمعات الصناعية في إنتاج كميات متزايدة من القمامة، أخذت معنى إعادة التدوير محوراً جديداً. فبدلًا من إعادة تدوير المواد لأسباب اقتصادية بحتة، بدأت المجتمعات في التفكير في كيفية الحد من تدفق النفايات إلى مدافن القمامة والمحارق.

   وفي عام 1970 تقريبًا، أثارت الحركة البيئية إنشاء أول مخططات لجمع الكربسيد في أميركا، على الرغم من أن هذه البرامج كانت قد بدأت قبل 20 عامًا.

  وفي عام 1991 صنعت ألمانيا التاريخ عندما مرت مرسومًا يحول المسؤولية إلى دورة حياة كاملة من التعبئة والتغليف للمنتجين. 
 وردًا على ذلك، أنشأت هذه الصناعة نظام دوالز ديوتسكلاند (DSD)؛ 
 وهي شركة تنشأ نظامًا منفصلًا لإدارة النفايات يتواجد جنبا إلى جنب مع جمع القمامة العامة. من خلال فرض رسوم ترخيص للعلامة التجارية "النقطة الخضراء"، يدفع DSD لجمع وفرز وإعادة تدوير مواد التعبئة والتغليف.

   وعلى الرغم من أن النظام تحول بأن أصبح مكلف، فقد كان مؤثرًا للغاية. واعتمدت بلدان أوروبية عديدة في وقت لاحق مبادراتها الخاصة بإعادة التدوير التي تتضمن درجة معينة من مسؤولية المنتجين.

  في عام 1987، قامت بارجة محملة بالقمامة بالإنطلاق صعودًا وهبوطًا في الساحل الشرقي الأمريكي بحثًا عن مكان لتفريغ القمامة، مما أثار مناقشة عامة حول إدارة النفايات، وعملت هذه الواقعة كمحفز لحركة إعادة التدوير المتنامية في البلاد. وبحلول أوائل التسعينيات، 

  أنشأت العديد من المدن الأمريكية برامج لإعادة التدوير، مما أدى إلى انخفاض أسعار المواد القابلة لإعادة التدوير من حوالي 50 دولارًا للطن إلى حوالي 30 دولارًا،

  وفقًا لما ذكره الدكتور "موريس"، الذي كان يتتبع أسعار المواد القابلة لإعادة التدوير في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ منذ منتصف عام 1980. وكما هو الحال مع جميع السلع الأساسية، تتقلب تكاليف المواد القابلة للتدوير. 
 ولكن متوسط سعر المواد المصنوعة من الكربسيد ارتفع منذ ذلك الحين ببطء إلى حوالي 90 دولارا للطن.
 
  ومع ذلك، فإن معظم برامج إعادة تدوير الكربسيد ليست مكتفية ذاتيًا من الجانب المالي. وتتجاوز تكلفة جمع المواد ونقلها وفرزها عمومًا الإيرادات الناتجة عن بيع المواد القابلة لإعادة التدوير، وهي أيضًا أكبر من تكاليف التخلص منها. هناك استثناءات موجودة، 

  يقول الدكتور "موريس"، إلى حد كبير بالقرب من الموانئ في المناطق الحضرية الكثيفة التي تفرض رسومًا عالية للتخلص من المدافن، تتمتع في ذات الوقت بظروف سوق جيدة لبيع المواد القابلة للتدوير.


مرحلة فرز المخلفات
  وفي الأصل طلبت برامج "كيرسيد" الناس لوضع الورق والزجاج والعلب في صناديق منفصلة. ولكن الآن الاتجاه يسير نحو طريقة الجمع المشترك أو نظام "التيار الواحد".  
  ويقول "كيت كريبس" المدير التنفيذي للائتلاف الوطني لإعادة التدوير في أمريكا إن حوالي 700 من برامج أميركا البالغ عددها 10 آلاف كربيسيد تسير الآن على هذا النهج. 
 ولكن عملية التبديل من الممكن أن تجعل الناس تحت الشبهة: إذا لم يعد هناك أي حاجة لفصل المواد المختلفة، وقد يستنتج الناس أن النفايات ببساطة يتم دفنها أو حرقها.
   في الواقع، التغيير نحو نظام جمع تيار واحد يتم التحكم فيه من خلال التكنولوجيات الجديدة التي يمكن ان تحدد وتفرز المواد المختلفة مع عدم وجود أو القليل من التدخل بشري.
 وتقوم المجموعة المنفردة التدفق بجعل الأمر أكثر ملاءمة بالنسبة لأصحاب المنازل تجاه عملية إعادة تدوير ، مما يعني أنه يتم تحويل المزيد من المواد فقط من تيار النفايات.

سان فرانسيسكو؛
 والتي تحولت من نظام الجمع المتعدد إلى نظام جمع التيار الواحد قبل بضع سنوات، الآن تفتخر بمعدل إعادة تدوير يصل الي 69٪ وهو واحد من أعلى المعدلات في أمريكا. 
 وباستثناء نفايات الحدائق والمواد الغذائية، يتم فرز جميع المواد القابلة لإعادة التدوير في المدينة في منشأة تبلغ مساحتها 200 ألف قدم مربع تجمع بين الآلات التي يبلغ عدد موظفيها 155 موظفًا. 
 
  وافتتح المصنع الذي يبلغ تكلفته 38 مترًا، بجانب خليج سان فرانسيسكو، في عام 2003. وتقوم شركة NWS "أنظمة نفايات نوركال" بمعالجة ما يقارب من 750 طنًا من الورق والبلاستيك والزجاج والمعادن يوميًا.

  تبدأ العملية عندما تصل الشاحنة وتفرغ حمولتها من المواد القابلة للتدوير عند أحد أطراف المبنى. ثم يتم تكديس المواد على أحزمة نقل كبيرة تقوم بنقلها إلى محطة فرز يدوية. 
  هناك، يقوم العمال بفصل المواد من كل شيء، وأخذ الأكياس البلاستيكية، والقطع الكبيرة من الورق المقوى وغيرها من البنود التي يمكن أن تضر أو تعوق آلات الفرز. 

  أكياس البلاستيك من المواد المزعجة بشكل خاص لأنها تميل إلى الوقوع على شاشات الاسطوانات الدوارة والتي ترسل المواد ذات الوزن الثقيل، مثل الزجاجات والعلب، إلى أسفل في اتجاه معين والورق في الاتجاه الآخر.
يتم فصل الكرتون المقوى والمموج عن الورق المختلط، ثم يتم ربطه وبيعه. يتم تقطيع الزجاجات البلاستيكية والكرتون باليد. الأنواع الأكثر شيوعًا هي، PET  (نوع 1) وHDPE (نوع 2)، حيث يتم جمعها بشكل منفصل; والباقي يذهب إلى صندوق مختلط خاص بالبلاستيك.
بعد ذلك، يتم سحب المغناطيس من أي معادن حديدية، عادة يسحب من القصدير المطلي أو العلب الصلبة، في حين يتم إخراج المعادن غير الحديدية، ومعظمهم من علب الألومنيوم، وذلك من خلال الدوامة الثابتة. 

  تتكون فواصل الدوامة الحالية أو الثابتة، والتي تستخدم منذ أوائل التسعينات، من دوار مغناطيسي سريع الدوران داخل أسطوانة طويلة أسطوانية الشكل تدور بسرعة أبطأ قليلاً. 
  كما يتم نقل علب الألومنيوم على هذه الاسطوانة من قبل الحزام الناقل، والمجال المغناطيسي من الدوارن التي تسببه التيارات الكهربائية المتداولة، والتي تسمى التيارات الحالية أو الثابتة، بداخلها. هذا يخلق مجال مغناطيسي ثانوي حول العلب والذي يتم صده من قبل المجال المغناطيسي للدوران، يتم حرفياً إخراج علب الألومنيوم من مواد النفايات الأخرى.
 
   وأخيرًا، يتم فصل الزجاج باليد إلى زجاج بني، أحمر أو أخضر اللون. أما بالنسبة لكل حمولة، فقد تستغرق عملية الفرز بأكملها من البداية إلى النهاية حوالي ساعة،
 وفقًا لما يقوله "بوب بيسو"، مدير برنامج إعادة التدوير في شركة نوركال في سان فرانسيسكو.

  وعلى الرغم من أن جميع مرافق إعادة التدوير لا تزال توظف الناس، فإن الاستثمار يتزايد في أنظمة تقنيات الفرز البصرية والتي يمكن أن تفصل أنواع مختلفة من الورق والبلاستيك. 
  وقد بدأ في أوائل التسعينيات تطوير أول نظام لفرز النفايات القريبة من الأشعة تحت الحمراء. في ذلك الوقت كان "إلوباك"، وهو منتج نرويجي من علب المشروبات المصنوعة من الورق المقوى البلاستيكية المغلفة، قلق من كونه سيكون عليه أن يدفع رسومًا كبيرة للوفاء بمسؤوليات المنتج في ألمانيا وغيرها من البلدان الأوروبية. 
  وللحد من تكاليف دورة الحياة الشاملة والمرتبطة بمنتجاته، قام "إلوباك" بايجاد وسيلة لاتمام عملية الفرز من العلب الخاص بها. 

 وتعاونت الشركة مع "سينتيف"، وهو مركز أبحاث نرويجي، وفي عام 1996 باعت أول عبوة لها في ألمانيا. وبعد ذلك تم فصل التكنولوجيا إلى شركة تسمى "تيتش".

  أنظمة تيتك - أكثر من 1000 نظام منها يتم تثبيته الآن في جميع أنحاء العالم - تعتمد على التحليل الطيفي لتحديد المواد المختلفة.  
  يتم توزيع الورق والبلاستيك على حزام ناقل مكون من طبقة واحدة. عندما يضيء مصباح الهالوجين، كل نوع من المواد يعكس مزيج فريد من الأطوال الموجية داخل طيف الأشعة تحت الحمراء التي يمكن تحديدها، وذلك مثل الكثير من بصمات الأصابع. يتم ذلك من خلال تحليل البيانات من جهاز استشعار يكشف الضوء في كل من الطيف المرئي والطيف القريب من الأشعة تحت الحمراء، 
  الكمبيوتر قادر على تحديد لون ونوع وشكل وأسلوب كل ملف. ثم يتم تنشيط الطائرات الجوية لدفع عناصر معينة من حزام ناقل واحد إلى آخر، أو داخل صندوق متخصص. وبالتالي يمكن فرز أنواع عديدة من الورق أو البلاستيك أو مجموعات منهما وذلك مع دقة تصل إلى 98%.

   وبالنسبة للعديد من المواد، فإن عملية إعادة تدويرها إلى مواد خام عملية مفيدة وواضحة: حيث يتم تقطيع المعادن إلى قطع، ويتم تقليل الورق إلى لباب الورق ويتم سحق الزجاج. يمكن إعادة تدوير المعادن والزجاج عدة مرات إلى أجل غير مسمىتقريباً دون أي خسارة في الجودة، في حين يمكن إعادة تدوير الورق حتى ست مرات فقط. (وعندما يمر الورق من خلال هذه العملية،  تصبح الألياف التي يتكون منها أقصر طولاً وتتدهور جودته.)

 أما فيما يخص البلاستيكيات المصنوعة من الوقود الحفري فهي مختلفة إلى حد ما. وعلى الرغم من أن هذه البلاستيكيات لديها العديد من الخصائص المفيدة - فهي مرنة وخفيفة الوزن ويمكن أن تتشكل الي أي شكل - هناك العديد من الأنواع المختلفة، والتي تكون معظمها في حاجة إلى معالجتها بشكل منفصل. 
 
  في عام 2005 تم استرداد أقل من 6٪ من البلاستيك من تيار النفايات البلدية في أمريكا. ومن هذا الجزء الصغير، فإن النوعين الوحيدين المعاد تدويرهما بكميات كبيرة هما PET  و HDPE.

بالنسبة للنوع PET، 
  فإن عملية تدوير فئة زجاجات المواد الغذائية إلى زجاجات معاد تدويرها متوفرة بشكل دائم. ولكن البلاستيك غالبًا ما يتم "تدويره" إلى منتجات أخرى مثل الأخشاب البلاستيكية (التي تستخدم بدلًا من الخشب)، وأنابيب الصرف وألياف السجاد، ينتهي بها الأمر داخل مدافن القمامة أو المحارق في نهاية عمرها اليافع. 

  ومع ذلك، يتم استخدام البلاستيكيات أكثر فأكثر، ليس فقط للتغليف، ولكن أيضًا في السلع الاستهلاكية مثل السيارات وأجهزة التلفزيون والحواسيب الشخصية. 
 ولأن هذه المنتجات مصنوعة من مجموعة متنوعة من المواد ويمكن أن تحتوي على أنواع متعددة من البلاستيك والمعادن (بعضها سامة)، والزجاج، فهي صعبة ومكلفة خاصة عند عملية الفصل وإعادة التدوير. بدأت أوروبا واليابان قوانين "إعادة التدوير" التي تطلب من مُصنعي الإلكترونيات إعادة تدوير منتجاتهم. 
ولكن في أميركا لم تطبق سوى دول قليلة جداً مثل هذا القانون. وقد تسبب ذلك في مشاكل للشركات التي تتخصص في إعادة تدوير البلاستيكيات من مجاري النفايات المعقدة حيث تعتمد على قوانين إعادة التدوير للحصول على المواد الأولية واللازمة. 

يقول "مايكل بيدل"، وهو مدرب حاصل على  الماجستير في إدارة الأعمال تخصص بوليمرات، عدم وجود مثل هذه القوانين واحدة من الأسباب التي تجعل شركته تعمل فقط كمحطة تجريبية في أمريكا وتوجد مرافقها الرئيسية في الصين والنمسا.
يمكن معالجة الكثير من المواد القابلة لإعادة التدوير محليًا، ولكن يتم تصديرها أكثر من أي وقت مضى إلى الدول النامية، وخاصة الصين. 
وتتمتع البلاد بشهية كبيرة للمواد الخام وتشمل المعادن والورق والبلاستيكيات، وجميعها يمكن أن تكون أرخص من المواد الجديدة. 

  وفي معظم الحالات، يعاد تدوير هذه النفايات في السلع الاستهلاكية أو التعبئة والتغليف، ويتم تصديرها إلى أوروبا وأمريكا عبر السفن الحاوية. ومع جوعها للموارد وتوافر العمالة الرخيصة، أصبحت الصين أكبر مستورد للمواد القابلة لإعادة التدوير في العالم.


السؤال الخاص بدولة بالصين
  ولكن عملية ممارسة شحن المواد القابلة للتدوير إلى الصين مثيرة للجدل. خصوصًا في بريطانيا، فقد أعرب السياسيون عن قلقهم من أن بعض هذه الصادرات قد ينتهي بها المطاف في مدافن القمامة. العديد من الخبراء لا يوافقون.

 ووفقًا ل "بيتر فان بيوكيرينغ"، وهو خبير اقتصادى درس تجارة نفايات الورق للهند والبلاستيك المستهلك للصين: فقد صرح أنه "بمجرد أن يدفع شخص ما ثمن هذه المادة، سأراهن على أنه سيتم إعادة تدويرها".

   وفي الواقع، يقول الدكتور "فان بيوكيرينغ" إن شركات إعادة التدوير في البلدان النامية تستطيع، عن طريق استيراد مواد النفايات، بناء مصانع أكبر وتحقيق توفيراً في حجم المواد، وإعادة تدويرها بكفاءة أكبر وبتكلفة بيئية أقل. وقال إنه شهد الكثير من مثل هذه العمليات في الهند،
 حيث تم تحويل العشرات من مصانع الورق غير الفعالة والملوثة بالقرب من مومباي إلى عدد أصغر من المصانع الأكثر إنتاجية وصديقة للبيئة في غضون بضع سنوات.

  ومع ذلك، بالمقارنة مع الدول الغربية، قد تكون المصانع في الدول النامية أقل تنظيمًا، وصناعة إعادة التدوير ليست استثناء من هذه النظرية. وقد عانت الصين بشكل خاص من عدد لا يحصى من واردات النفايات غير القانونية، ومعظمها يتم معالجتها من قبل المهاجرين الفقراء في المناطق الساحلية الصينية.
  حيث تقوم بعملية التفكيك والفصل وإعادة التدوير لأي شيء مصنوع من البلاستيك إلى نفايات إلكترونية دون أي اجراء حماية لأنفسهم أو للبيئة.

وقالت "آيا يوشيدا"، وهي باحثة في المعهد الوطنى للدراسات البيئية اليابانى الذي يدرس واردات النفايات الصينية وممارسات إعادة التدوير؛

"إن الحكومة الصينية حظرت مثل هذه الممارسات، على الرغم من أن العمال المهاجرين قد ابتكروا صناعة منزلية متنقلة يصعب محوها. ولأن هذا النوع من الصناعة يعمل إلى حد كبير تحت الرادار، فإنه من الصعب تقييم تأثيره الكلي."

  ولكن من الواضح أن معالجة النفايات البلاستيكية والإلكترونية بطريقة خام تطلق مواد كيميائية سامة وتضر بالأشخاص والبيئة - وهو عكس ما يفترض أن تحققه عملية إعادة التدوير.

  وتحت ضغط من قبل الجماعات البيئية، مثلSVTC وهو ائتلاف السليكون السيلي فالي، وضع بعض صانعي الحواسيب قواعد لضمان إعادة تدوير منتجاتهم بطريقة مسؤولة. 
 
  وكانت "هيوليت باكارد" والتي أصبحت رائدة في هذا المجال حتى تستطيع مصانع إعادة التدوير الخاصة بها العمل في ولايتي كاليفورنيا وتينيسي. 
  
  "ديل"،التي انتقدت مرة واحدة بسبب العمل في السجون من اجل إعادة تدوير آلاتها، الآن بإمكانها أخذ أجهزة الكمبيوتر القديمة دون توجيه أي تهمة اليها. 
 
  وفي الشهر الماضي قام "ستيف جوبز" بتوضيح تفاصيل خطط "أبل" للقضاء على استخدام المواد السامة في منتجاتها.

والأمر الأقل إثارة للجدل هو إعادة تدوير الزجاج، ما عدا في الأماكن التي لا تتوفر فيها سوق لخدمة مثل هذه الصناعات. بريطانيا، على سبيل المثال، تكافح مع جبل من الزجاج الأخضر. وهي تعد أكبر مستورد للنبيذ في العالم،
   حيث تجلب أكثر من مليار لتر سنويا، معظمها داخل عبوات زجاجية خضراء. ولكن مع قيامها بصناعة عبوات النبيذ الصغيرة فقط من تلقاء نفسها، هناك القليل من الطلب على الزجاجات التي تقوم بانتاجها. 

  وبدلًا من ذلك فإن المطلوب هو الزجاج النظيف، والذي يتحول بعد ذلك إلى زجاجات لإرضاء المزاج، وغالبًا ما يتم تصديرها إلى بلدان أخرى. ونتيجة لذلك، 

  
قالت  "أندي داو"، وهو مدير تكنولوجيا الزجاج في "وراب"،
"إن بريطانيا في "الوضع الغريب"بالنسبة لوجود زجاج أخضر أكثر مما تمتلكه من الطاقة الإنتاجية.

  ويستخدم صناع الزجاجات البريطانيون بالفعل الزجاج الأخضر المعاد تدويره بقدر ما يمكنهم في أفرانهم لإنتاج زجاجات جديدة. لذلك يتم تدوير بعض الزجاج الفائض إلى مجموعات البناء أو الرمل المتخصص بأنظمة الترشيح. 
 
  ولكن التحليل الخاص ببرنامج "وراب" يكشف أن وفورات الطاقة لكلا الأمرين تبدو "هامشية أو حتى غير ملائمة". العمل الذي يتماشي مع الصناعة، بدأ "وراب" برنامج جديد يسمىGW "غلاسريت النبيذ"، في محاولة منه لتصحيح اختلال التوازن الذي حدث. 
  وبدلًا من أن يتم تعبئتها من المصدر الأصلي، يتم استيراد بعض النبيذ الآن في حاويات 24.000 لتر يثم تعبئتها من بريطانيا. هذا قد يزعج بعض خبراء النبيذ، لكنه يحل مشكلتين،

 يقول السيد "داو"؛
 "أنه يقلل من كمية الزجاج الأخضر الذي يتم استيراده ويضع ما يتم استيراده في الاستخدام الصحيح. وبذلك يمكن أيضًا خفض تكاليف الشحن بنسبة تصل إلى 40٪."


مستقبل صناعة إعادة التدوير
  وعلى الرغم من أن هذه المسألة فريدة من نوعها. فبشكل عام، إن أحد أكبر العوائق أمام مستقبل عملية إعادة التدوير أكثر كفاءة هو أن معظم المنتجات لو يتم الأخذ في الاعتبار عند تصميمها أن تتماشى مع عملية إعادة التدوير. 

  قال "ويليام ماكدونو"، المهندس المعماري والمؤلف المشارك لكتاب صدر في عام 2002 بعنوان " من مهد إلى مهد: إعادة صياغة الطريق لصنع الأشياء؛
 " قد تتطلب معالجة هذه المشكلة إعادة التفكير الكامل للعمليات الصناعية." 

 وبجانب "مايكل براونغارت"، زميله المؤلف والكيميائي،  الذي يضع رؤية لإنشاء دورات "الدائرة الكهربائية المغلقة" حيث لا توجد نفايات. 
 وينبغي أن تؤخذ عملية إعادة التدوير في الاعتبار في مرحلة التصميم، كما يقولون، وينبغي أيضاً أن تكون جميع المواد إما قادرة على العودة إلى التربة بأمان أو على إعادة تدويرها إلى أجل غير مسمى. 

هذا قد يبدو مثل التمني!!!

  ولكن السيد "ماكدونو"  حاصل على نسب جيدة. فقد عمل على مر السنين مع شركات بما فيها  "فورد" و"جوجل".

  ومن ضمن النجاح الذي حققه كتاب "من مهد إلى مهد" هو "الائتلاف الدائم والمستمر لعمليات التعبئة والتغليف"، 
 وهو يعد فريق عمل غير هادف للربح قد وضع مبادئ توجيهية تتطلع إلى ما هو أبعد من المعايير التقليدية لتصميم العبوات وذلك من أجل التأكيد على استخدام المواد المتجددة، والمعاد تدويرها، وغير السامة.
حيث تأسس هذا الفريق في عام 2003 من تسعة أعضاء فقط، ويضم الآن ما يقرب إلي 100 عضو، بما في ذلك الهدف الرئيسي الذي تأسس بسببه، "ستاربكس" و "استي لودر"، اثنان من بعض الأماكن التي قد بدأت بالفعل بتغيير تصميم التعبئة والتغليف الخاصة بهم.

  التعبئة الدائمة لا تفيد فقط البيئة....ولكن يمكنها أيضًا التحكم في خفض التكاليف!!

  في العام الماضي أعلنت "وول مارت"، أكبر متاجر التجزئة في العالم، أنها تريد خفض كمية التعبئة والتغليف التي تستخدمها بنسبة 5٪ بحلول عام 2013، 
 مما يمكن أن ينقذ الشركة بما يصل إلى 3.4 مليار دولار وكذلك خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 667.000 طن. فضلا عن محاولته للحد من كمية التعبئة والتغليف، "وول مارت" يريد أيضا العمل على إعادة التدوير بشكل أكثر من ذلك.

  قبل عامين بدأت الشركة في استخدام عملية فريدة من نوعها ، تسمى "طبقات شطيرة"، وذلك من أجل جمع النفايات في مخازنها ومراكز التوزيع لتتم إعادة تدويرها. 
  وهذه العملية تنطوي على وضع طبقة من الورق المقوى في الجزء السفلي من ضاغطة القمامة قبل ملئه من مواد النفايات، ومن ثم وضع طبقة أخرى من الورق المقوى على القمة. ثم تنتج الضاغطة "شطيرة" يسهل التعامل معها ونقلها،

   كما صرح "جيف أشبي" من "روكي ماونتن ريسيكلينغ"؛
"الذي اخترع عملية "وول مارت". فضلا عن تجنب تكاليف التخلص من المواد التي سبق إرسالها إلى مكب النفايات، تقوم الشركة الآن بتوفير المال عن طريق بيع النفايات بأسعار السوق المتداولة. 

  ومن الواضح أن هناك مجالًا واسعًا لمزيد من الابتكار في صناعة إعادة التدوير. وستكون هناك حاجة إلى أفكار ونهج جديدة، نظرًا لأن العديد من المجتمعات والمنظمات قد وضعت أهدافًا عالية لإعادة التدوير. 
  يتطلب توجيه التعبئة والتغليف في أوروبا من الدول الأعضاء إعادة تدوير 60٪ من الزجاج والورق و 50٪ من المعادن و 22.5٪ من العبوات البلاستيكية بحلول نهاية عام 2008. 
 وفي وقت سابق من هذا العام صوت البرلمان الأوروبي لزيادة معدلات إعادة التدوير بحلول عام 2020 إلى 50٪ للنفايات و 70٪ للنفايات الصناعية.

  ويمكن تعزيز معدلات إعادة التدوير من خلال فرض رسوم على الأسر والشركات أكثر في حال إذا ما كانت تنتج المزيد من القمامة، وعن طريق الحد من تكرار مجموعات القمامة تزداد بذلك مجموعات إعادة التدوير.   

  وفي الوقت نفسه، اعتمد عدد من المدن والشركات (بما في ذلك " وول مارت" و "تويوتا ونايكي") أهدافًا تتعلق بالنفايات الصفرية أو الغير مفيدة. وقد يكون هذا غير واقعي، 
  لكن "مات هيل"، مدير مكتب النفايات الصلبة في وكالة حماية البيئة الأمريكية، "يقول إن هذا هدف جدير ويمكن أن يساعد الشركات على التفكير في طرق أفضل لإدارة المواد بشكل جيد. وهو يجبر الناس على النظر إلى دورة حياة المنتج بأكملها."

 كما قال الدكتور "هيل"، وقام بطرح عدة أسئلة منها؛
 هل يمكنك تقليل كمية المواد لتبدأ في التعامل معها؟ هل يمكنك تصميم المنتج بشكل يجعل عملية إعادة التدوير أسهل؟

  إذا تم تنفيذ هذه الخطوات بشكل صحيح، لن يكون هناك أدنى شك في أن عملية إعادة التدوير ستوفر الطاقة والمواد الخام، وتقلل كذلك من التلوث. 
ولكن فضلًا عن محاولة تكرار نفس عملية إعادة تدوير، فمن المهم أيضًا محاولة إعادة التدوير بشكل أفضل.

 ومع تطور التكنولوجيات والمواد، هناك مجال للتحسين وكذلك سبب للتفاؤل...


في النهاية، تقول السيدة "كريبس"
 "النفايات هي في حقيقة الأمر عيب في التصميم".

الرابط مصدر المقال

Esraa Muhammad

Esraa Muhammad

مترجمين المقال