هل الأوروبيون برأيك جاهزون لإعادة استخدام المعلبات؟

العلبة التي تُستخدم مرة واحدة من السهل أن تُكتشف، مشية قصيرة على الشاطئ أو بأي مكان في العالم ستكشف عواقب ثقافة إلقاء القمامة في غير أماكنها لدينا حيث كل حركة مد وجزر تجلب معها طبقة من المخلفات وأغلب تلك الأشياء من البلاستيكيات التي تٌستخدم مرةً واحدة.
هناك ضغط مستمر في بعض البلدان لفعل شيء تجاه المعلبات المستخدمة مرةً واحدة؛ والذي أدى إلى وضع قيود على استخدام معلبات ومنتجات معينة، فرنسا على سبيل المثال أصدرت في شهر يوليو لعام 2016 حظر عام على استخدام الأكياس البلاستيكية الخفيفة، وفي شهر سبتمبر من العام ذاته أصبحت الدولة الأولى عالميًا في حظر الأكياس والأكواب والأطباق البلاستيكية بالإضافة إلى أدوات المائدة البلاستيكية. 

مثال آخر يمكن أن نراه في هامبورج بألمانيا، حيث قاموا في شهر فبراير من عام 2016 بحظر أكواب القهوة ومعلبات أخرى جاهزة مثل زجاجات المياه، النبيذ والمشروبات الغازية في المباني الحكومية، كما قامت عشرات المدن في الولايات المتحدة بحظر الأكياس البلاستيكية ابتداءً من ولاية سان فرانسيسكو في عام 2007 ومؤخرًا تم حظر استخدام البوليستيرين بما في ذلك الأكواب البلاستيكية، تعليب الأطعمة، معلبات الفول السوداني وألعاب الشاطئ وأشياء  أخرى.







الدفع بالتشريعات
مع تصاعد زخم حظر المعلبات أحادية الاستخدام، فمن المنطقي أن يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات لإيجاد حلول تجاه المعلبات التي يعاد استخدامها، ووفقًا للتقرير الأخير لمؤسسة (مارك آرثر ألين): يمكن إعادة استخدام على الأقل 20% من المعلبات البلاستيكية بشكل مُربح، نظرًا لتلك الإمكانيات الهائلة فمن المنطقي أن يقوم الإتحاد الأوروبي بإعطاء اهتمام لعملية إعادة الاِستخدام في حملته الاقتصادية الجديدة (Circular Economy Package (CEP.

وفي اقتراحها تعديل عملية التعبئة وتوجيهات تعبئة المخلفات، دعا البرلمان الأوروبي لوضع أهداف جديدة (غير إجبارية) لعملية إعادة الاستخدام: تقدر بـ(5%) بحلول عام 2025 و(10%) بحلول عام 2030.
وفي ذلك الشأن أعلن المجلس الأوروبي رفضه لأي أهداف جديدة لعملية إعادة الاستخدام، وأعلن أنه سيتم النظر في إمكانية وضع أهدافًا في وقت لاحق، كما يقدم الدعم الكامل في عملية جمع البيانات من أجل فهم أفضل للمستوى الحالي لعملية إعادة استخدام المعلبات بين الدول الأعضاء، وبالإضافة إلى ذلك قام المجلسُ بتقديم نص قانوني جديد لتشجيع الزيادة في حصة السوق من إعادة استخدام المعلبات عن طريق إعادة مخططات الإيداع والأهداف والحوافز الاقتصادية ووضع نسبة مئوية صغيرة -من نصيب السوق- لإعادة استخدام المعلبات التى تباع كل عام.

وتُعرّف عملية التعبئة في السياق بأنها منتجات تستخدم لاحتواء، حماية، استعمال، إيصال وعرض السلع، وهذا يشمل كلًا من المواد الخام والسلع الجاهزة في أي مرحلة من مراحل الإنتاج إلى الاستهلاك، والأمثلة على عملية نقل المعلبات المعادة الاستخدام تتضمن الحاويات التي تستخدم أكثر من مرة مثل الصناديق، الحقائب والنقالات، كما يمكن أن تتضمن المعلبات المعاد استخدامها أيضًا المستهلك أو البائع كما في حاويات المشروبات.

كما توجد العديد من الدراسات التي توضح أهمية إعادة التعبئة في أماكن البيع بالتجزئة، ولكن عدد قليل جدًا من الدول التي تمتلك بيانات رسمية عن المعلبات المعاد استخدامها وعدد قليل جدًا من أعضاء الاتحاد الأوروبي -متطوعين- أعدوا تقريرًا عن عملية إعادة التعبئة.






اجتماع خبراء بخصوص المعلبات المعاد تدويرها
كل ذلك يثير التساؤلات: ما الذي يمكن عمله لتشجيع إعادة الاستخدام؟
في محاولة لإجراء حوار حول هذا الموضوع، قامت منصة "ريلوب" في مارس الماضي باستضافة المؤتمر الأوروبي السادس لعملية إعادة الاستخدام في بروكسل، وضمَّ المؤتمر خبراء من المتحدثين والمشاركين في صناعة المشروبات القابلة لإعادة التعبئة وصناعة التعبئة ذتها، منظمات غير حكومية ومندوبين من مؤسسات الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، بالإضافة إلى عرض أفضل الأمثلة للصناعة حيث قام المتحدثون بمناقشة الاحتياجات من الناحية السياسية لمواصلة تدعيم صناعة المشروبات القابلة لإعادة التعبئة ونقل المعلبات المعادة استخدامها في أوروبا.

وكان من ضمن الاقتراحات التي طُرحت في المناقشات الحاجة لوضع أهداف واضحة للنفايات (على سبيل المثال: 150 كيلو جراماً من النفايات يتم التخلص منها للفرد الواحد في عام 2025 و130 كيلو جراماً في عام 2030)، والحاجة إلى إعادة استخدام حصص منفصلة لبيع، نقل، تعليب المشروبات وأيضًا قد تم مناقشة أهمية الحوافز الاقتصادية مثل ضرائب بيئية صغيرة على الأكياس التي تستخدم لمرة واحدة، أكواب القهوة، الزجاجات والصفائح أو فرض فوائد ضريبية على المعلبات التي يعاد استخدامها، وكان من المتفق عليه أن تغير الضريبة سيقلل من تكلفة العمل وسيزيد تكلفة التلوث كشرط مسبق لحملة Circular Economy.

ويمكن لفكرة وضع مواصفات لتصميم معلبات صديقة للبيئة والتي تعتد بأشياء مثل معايرة المنتج، المتانة، سهولة عملية إعادة الاستخدام أن تيسر التوجه إلى فكرة إعادة التدوير.








لماذا إذًا يعد مجال التعبئة بطيئًا جدًا إذا اتجهنا إليه؟
تتردد العديد من الشركات في التوجه إلى إعادة التدوير بسبب ارتفاع الاستثمار الدولي، وقد يغيب عن أذهان البعض أنه بالرغم من أن هذه التكاليف تقابل إلى حد كبير المدخرات التي تأتي من إزالة تكاليف الدفع والبيع المرتبطة بالمعلبات التي تستخدم لمرة واحدة، والأدهى من ذلك أنه كلما زادت وتيرة إعادة الاستخدام كلما زادت المدخرات على مدار الحياة النافعة الممتدة للتعبئة.

الفوائد الاقتصادية يمكنها أيضًا أن تكون مبهرة؛ فعلى سبيل المثال شركة شوكولاتة (جيرارديلي) قامت بالتوجه إلى إعادة استخدام نظام المراهنات للتوزيع الداخلي في عام 2003 لتقليل تكاليف التعبئة والتغليف ونفايات الورق المقوى.

وقد اعتمدت الشركة على نظام المراهنات لمدة خمسة سنوات حيث حققت الشركة ربحًا إضافيًا يقدر بحوالي 1.9 مليون دولار ومنعت 350 طن سنوياً من الورق المقوى المتسخ من الذهاب إلى مكب النفايات، محققةً بذلك ادخارات إضافية من تكاليف عمليات البيع الملغية تقدر بحوالي 2700 دولار سنويًا.

وعلى الرغم من هذه الفوائد فإن حصة السوق من المعلبات التي يعاد استخدامها مازالت صغيرة، وقد انخفضت لبعض المنتجات كما في زجاجات المشروبات التي يعاد تعبئتها على سبيل المثال انخفض استخدامها في كثير من أنحاء العالم كبدائل تستخدم مرة واحدة مصنوعة من الزجاج والبلاستيك ومواد معدنية وصفائح عديدة تأخذ مكانها، وقد انخفضت مبيعات حاويات المشروبات التي تستخدم أكثر من مرة في غرب أوروبا فقط من 63.4 مليون وحدة في عام 2000 إلى 40.2 مليون وحدة في عام 2015 وفقاً لتقرير تحليل السوق الكندي، ثم توالت الانخفاضات الحادة في بعض الدول الإسكندنافية مثل النرويج وفنلندا.

ففي فنلندا كانت الضريبة الخضراء على الحاويات الغير قابلة لإعادة التدوير تقدر بحوالي 67 سنتًا لكل لتر أمَّا الحاويات القابلة لإعادة التدوير بلغت ضريبتها 17 سنتًا لكل لتر، وتٌظهر الأرقام مدى نجاح ذلك المزيج من السياسات في الحفاظ على النظام الفنلندي القابل لإعادة التعبئة، وفي عام 2003 كانت 73% من عبوات البيرة و98% من المشروبات الغازية المستخدمة في فنلندا تم شراؤها في حاويات قابلة لإعادة التعبئة. 

ولكن هذه الضريبة قد تم إلغاؤها في يناير عام 2008 مما يعني أن حاويات المشروبات القابلة لإعادة التعبئة والحاويات القابلة لإعادة التدوير تخضع الآن لنفس شروط وأحكام الضرائب، وكان هذا متوقعًا نتيجة لتهميش عملية إعادة التعبئة في فنلندا، وفي خلال عام واحد تم الاستيلاء على الكربونات وأسواق المياه عن طريق الحاويات واختفت الزجاجات القابلة لإعادة التعبئة.

عدة عوامل يمكن أن تفسر هذا الانخفاض من بينها انتقال المشهد إلى عمليات البيع بالتجزئة حيث يرفض عدد كبير من بائعي التجزئة بيع المنتجات في عبوات قابلة لإعادة الاستخدام في محاولة منهم لتقليل العمالة، المساحة ومتطلبات الإدارة العامة المرتبطة بضرورة استرجاع المنتج، ومن ضمن العوامل المساهمة في هذا الانخفاض أن الأنظمة القابلة لإعادة التعبئة تتطلب قدرًا أكبر من استيعاب التكاليف من قبل منتجي المشروبات.

حيث أنهم بشكل مباشر يقومون بدفع حصة من تكاليف الإدارة الدائمة، ويتحمل منتجو حاويات المشروبات القابلة لإعادة التعبئة كافة التكاليف اللازمة لجمع الحاويات وإعادة تعبئتها وذلك النحو يخلق حوافز اقتصادية لاستخدام الحاويات ذات الاتجاه الواحد بدلًا من المُعاد استخدامها.







مستقبل إعادة الاستخدام
على الرغم من أن التوجه إلى المعلبات القابلة لإعادة الاستخدام ما زال يواجه عددًا من التحديات إلّا أنه لا يزال عنصرًا مهمًا في جدول أعمال سياسة الاتحاد الأوروبي، ومع الإعلان عن مجلس انتخابي مؤقت جديد فمن العدل أن نقول أن في أوروبا على الأقل أيام مشاركة هذه المسؤوليات مع البلديات قد انتهت، وقريبًا سيتولى المنتجون مسؤولية إدارة مخلفاتهم بنسبة 100%، وسيجبرون على الوصول إلى أهداف أعلى، وبجانب الضغط السياسي فإن هناك ضغط جماهيري كبير للتخلي عن المعلبات التي تستخدم مرة واحدة.

لذلك من الممكن أن يكون هناك مستقبل لإعادة الاستخدام، ومن المثير للاهتمام  يمكننا أن ننظر للولايات المتحدة الأمريكية كمثال واعد في ولاية أوريغن، حيث قامت الهيئة التعاونية لإعادة تدوير المشروبات بوضع برنامجًا مبتكرًا لإعادة تعبئة زجاجات البيرة بالتعاون مع مصنع بيرة محلي، وانطلقت المرحلة التجريبية في مارس 2017 والتي تضم عمليات إعادة التعبئة في مصنع Double Mountain لصناعة البيرة بالإضافة إلى مجموعة من الإمكانيات لدى مراكز الاستهلاك في ولاية أوريجغن، وتشير التقديرات الأولية إلى أنَّ عدد الزجاجات التي يمكن أن تباع ويعاد تعبئتها يمكن أن يتجاوز 2 مليون زجاجة سنويًا.

والهدف الأساسي لدى مراكز الاستهلاك بالولاية هو بناء عملية مخصصة لتسهيل إعادة تعبئة الزجاجات لكي تستطيع استيعاب قدراً أكبر من الزجاجات وتجتذب عددًا أكبر من مصانع البيرة للتوجه إلى عملية إعادة التعبئة، ويمكن أن تأخذ إعادة الاستخدام شكلًا أخرًا، أولها التركيز على تقليل شحنة المنتجات غير الضرورية من مكان إلى آخر عن طريق إتاحة الفرصة للمستخدم لإعادة تعبئتها في المنزل أو توفير عملية إعادة التعبئة مباشرة في المحلات.

وعلى سبيل المثال: العديد من المنتجات التي نستخدمها في حياتنا اليومية مثل منتجات التنظيف المنزلي تباع حاليًا في زجاجات تستخدم لمرة واحدة وتعتمد في تكوينها على الماء بشكل أساسي وكمية صغيرة من المواد الفعالة، وتقوم (شركة كالفورنيا لسد العجز) عن طريق تزويد عملائها بعبوات تبلغ حوالي 3 أوقية ليستخدموها في إعادة التعبئة عن طريق خلطها مع ماء الصنبور العادي في زجاجة بخاخة في المنزل...تقديم نماذج جديدة مثل ذلك يمكن أن يقلل من مواد التعبئة بنسبة تقدر بحوالي 80:90% وخفض تكاليف التعبئة بنسبة تصل إلى من 25% إلى 50%.







حان الوقت للتفكير بشكل أعمق
العديد من السلطات القضائية ينظر في فرض حظر على العبوات أحادية الاستخدام، حيث إنَّ تكلفة المواد الخام الخاصة بها تواصل الارتفاع، بالإضافة إلى أن تكلفة النقل العالية تجعل الإنتاج المحلي جذابًا أكثر.
نحن في حاجة إلى مواد جديدة أكثر ذكاءً إذا كنا لا نريد أن نخنق محيطاتنا ونسمح للماء أن يفيض بأكوام القمامة.

إن هؤلاء القادرين على التفكير خارج الإطار الكلاسيكي لنموذج التوزيع الذي يقلل الطاقة في كل مراحل الإنتاج ويقوم بتوصيل المنتج إلى المستهلك بأقل الطرق الممكنة إضرارًا للبيئة يمكن أن ينتهي بهم الحال إلى الوصول للقمة.







عن الكاتبة
كلاريسا موريسكى تقيم في برشلونة وتعمل كمدير عام لمنصة ريلوب، التي تجمع الصناعة بالحكومة والمنظمات الغير حكومية في أوروبا لتكوين شبكة قروض تخدم السياسة التي تخلق ظروف مؤهلة للنظام Circular Economy Package CEP عبر الاقتصاد الأوروبي، كما أنها تعد رئيسة شركة الاستشارات الكندية.

الرابط مصدر المقال

 Hussein Kamal

Hussein Kamal

مترجمين المقال