الطريق نحو الموضة

الطريق نحو الموضة   

انسَ أمر القطن، نحن نستطيع استخدام الغزل والنسيج من خلال الموز والأناناس  وجوز الهند فدورهم ليس في الثلاجة فحسب، إنّهم الاّن يصنعون طريقهم نحو الموضة!
 
يشكل القطن المستوى الثالث من استهلاك الألياف في صناعة الغزل و النسيج  طبقا لما نُشِر في تقرير «الاستهلاك العالمى للملابس المُصنّعة من الألياف»، إذْ أنّ صناعته تنطوي على العمل المكثف، العرق، المواد الكيميائية والمياه الطازجة، فهل يمكن أن تحدث تطورات للمصادر الطبيعية الأخرى والمواد الخام لكي تنافس الإنتاج غير الرائج لنبات القطن؟

سيقان نبات الموز
في عام 2012 استنتج «معهد أبحاث الغزل والنسيج الفلبيني» أنّ نبات الموز في الفلبين وحدها يستطيع أن يُنتج ما يزيد عن 300،000 طن من الألياف، وعلى الرغم من هذا ومن البحوث التي تشير إلى أنّه من الممكن أن يؤخذ 37 كجم من السيقان لانتاج 1 كجم من الألياف، حوالي بلايين الأطنان من سيقان نبات الموز نفقدها سنويا.
 
أقرّت شركة المنسوجات البيئية «أوفست وير هاوس تشارلي روس» بامكانية استخدام ألياف الموز، وهي حاليا شريكة مع منظمات غير حكومية في نيبال لكي تضمن أنّ إنتاج النّسيج من خلال ألياف الموز يدعم قطاع الحرفيين بالإعتماد علي المهارات اليدوية و أنّه يتم دفع أجور العمال بالتساوي والعمل في ظروف آمنة، ومن المعروف أن القماش يُعتبر محايداً للكربون وبناءه الناعم قد يكون مشابها للقنب (الحشيش) والخيزران، فقد صرّح مؤسس الأوفست وير هاوس أنَّ الخامة متقنة لصنع المعاطف والتنورات والسراويل.

أوراق الأناناس
طوّرت «Carmen Hijosa» مؤسسة «AnanasAnam» نسيجا ناتجا من مخلفات الأناناس و الذي يُسمى بالـ "Piñatex"، كبديل للمواد الكيماوية والمنسوجات القائمة على البترول بعد شعورها بالإحباط من الاستخدام الكثيف لها في عملية دباغة الجلود، كما يقول «Jaume Granja» (أحد أعضاء فريق «AnanasAnam»): "إنّ أعظم شيء في Piñatex هو على الأرجح أنّها مصنوعة من ألياف ورقية.. ناتج ثانوى من محصول الأناناس" مشيرا إلى حقيقة أنّ الأوراق تُترك عادة لتتعفن فى الأرض، حيث أضاف قائلا: "لا تحتاج أوراقنا إلى أيّ أرض أو مياه أو أسمدة إضافية لتنمو". على صعيد آخر، تجلب العملية الصناعية المستخدمة لإنشاء Piñatex فوائد للمجتمعات الزراعية، حيث يتم إنتاج «الكتلة الحيوية» التى يمكن تحويلها إلى سماد، يمكن للمزارعين أن يبذروه في تربتهم لزراعة محصول الأناناس القادم، وهذه المادة التى لها مظهر مماثل إلى القماش الكتاني هي أيضا قابلة للتحلل.

من المرجح أن تأخذ مادة (Piñatex) بعض الوقت قبل أن تنتشر فى الأسواق، قد يكون الإنتظار يستحق كل هذا العناء حيث تساوى ١٨جنيها إسترلينيا للمتر، ممّا يعني أنّها سوف تكون أرخص ٤٠% تقريبا من الجلود ذات الجودة العالية التى يمكن تسعيرها بنحو ٣٠ جنيها إسترلينيا، ، كما توضِّح النماذج الأولية أنّها مثل الجلد يمكن استخدامها في تصنيع البضائع بما فى ذلك الأحذية وحقائب اليد.
 (ملاحظة: تختلف Piñatex عن Pina التى يتم فيها دمج الألياف مع الحرير أو البوليستر).

قشور جوز الهند
غالبا ما يُشار إلى نخيل جوز الهند المتواضع باسم "شجرة الحياة"، ولكن قيمته تتجاوز اللب والحليب و الماء، حيث تحتوي قشور الفاكهة على الخصائص الليفية، إذْ يمكن أن تُنتِج ألف ثمرة جوزهند (١٠كجم) من الألياف وعادة مايكون هناك محصول كل ٣٠-٤٥ يوما.

تتبنى شركتي الملابس والعلامتان التجاريتان «Tog 24 و North Face»  الـCocona، وهي نسيج يعمل تحت اسم «37.5 Technology» الذّي ينتُج من مزيج من قشور جوزالهند والمواد البركانية، ونتيجة لذلك تصبح تلك الشركات أقل اعتماداً على المواد الإصطناعية، فعلى سبيل المثال «سترة مطافئ ماركة 4Tog2» هي (٥٥%) من البوليستر و(٤٥%) من الـCocona، كما صرّح متحدِّث رسمي باسم «37.5 Technology»: "إنّ هذه المواد تعتبر اختيارا جيّدا للأزياء الرياضية لأنها مصمّمة لتحسين الأداء"، كما يمكن تحويل هذه الألياف من قشور إلى فحم قائم على النفايات الحيوية لاستخدامه من قِبَل المزارعين كأسمدة عضوية كما حدث من قبل فى جزر المالديف، ويمكن أن يحَسِّن من نوعية التربة ويُحِدّ من المبيدات الحشرية ويضمن استمرار أي سلسلة من الأزياء المستوحاة من جوزالهند.

اتخذت المصمِّمة والباحثة «Carole Collet» (التى أقامت دورة ماجيستير فى مستقبل النسيج فى سنترال سانت مارتينز) «مقاربة وونكالين لمفهوم التقليد الحيوي» حيث تعمل الطبيعة والتكنولوجيا فى وئام لتوفير حلول مفيدة بيئيا، كما يتخيل مشروع «Biolace» مستقبلا تكون فيه النباتات مصانع مصغرة مسؤولة عن إنتاج الأغذية و النسيج على حد سواء، إذْ يركِّز على إمكانية تطوير الأنظمة حيث يمكن تعديل النباتات وراثيا، على سبيل المثال يمكن أن ينبت نبات الفراولة نسيجا من الجذور بالإضافة إلى الفاكهة، حينئذ يمكن لهذا النسيج أن يُستخدم فى حياكة  فستان أو ما شابه، فالنظام الذى يمكن فيه تصنيع الملابس بالإستعانة فقط بالماء وضوء الشمس الذي يحتاج إليه النبات للنمو وتوليد نفايات معدومة سيكون له فوائد بيئية عظيمة، فهل نعتزم رؤية ذاك العالَم الذّي يمتلك فيه الجميع مصنعا هندسيا على حافة النافذة فى المنزل مستعدا لتلبية احتياجاتنا؟

إن زراعة المنسوجات الخاصة بنا قد يكون ترياقا لطيفا للموضة السريعة، ولكن على هؤلاء الذّين نغّصت عليهم الفكرة قليلا أن يرتاحوا، حيث توضح «Collet» قائلة: "هذه ما هي إلاّ مقترحات تخيلية لما يمكن أن نفعله بالتكنولوجيا الحيوية إذا اخترنا ذلك، ولكنّنا على بعد ٢٠ عاما على الأقل من القدرة على القيام بذلك".


الرابط مصدر المقال

دعاء عادل سعد الدين

دعاء عادل سعد الدين

مترجمين المقال
Mennatulla Khamis Abdelmonem

Mennatulla Khamis Abdelmonem

مترجمين المقال