الرئيس النيجيري الجديد يواجه مهمة شاقة لجعل النمو الاقتصادي يحقق فائدة للجميع...

  تزايد الاقتصاد النيجيري بمعدل 6,8% سنويًا علي مدار العقد الماضي مما جعله بين أسرع دول العالم في النمو الاقتصادي ولكن فقط 25% من الشعب النيجيري مما يستفيدوا من هذا النمو!!
لماذا يعاني ملايين من الشباب البالغين من نقص فرص العمل ويكاد يحيون على الوظائف المنخفضة الإنتاجية في القطاع الخاص بالرغم من هذا النمو الاقتصادي المذهل؟!

  يتجلي نقص نيجيريا للنمو الشامل في عدم المساواة في الحصول على الخدمات والبرامج الاجتماعية، فمعظم النيجيريون لا يمتلكون مصدر دائم للكهرباء ونسبة قليلة منهم هم من يقدرون علي شراء مولدات من أجل إمدادهم بالكهرباء علي مدار الساعة، وهؤلاء أيضًا يقومون بشراء المياه من مصادر خاصة ويمتثلون للعلاج بالخارج وهم أيضًا يتجنبون المدارس الحكومية المنهارة عن طريق إرسال أبناءهم للدراسة بالخارج.
هذا الوضع لا يسبب أي اندهاش لبعض الاقتصاديين، فغالبًا ما يصاحب النمو الاقتصادي العالمي عدم مساواة في الدول النامية. يحتج البعض على أن عدم المساواة سريعة الزوال وسوف تتبدد في نهاية الأمر بمرور الوقت.

الفجوة تتسع!!

  في الحقيقة، عدم المساواة قد ازدادت في نيجيريا وسوف تنخفض فقط إذا اتخذت الحكومة إجراءات استباقية لضمان الشمولية في عملية النمو. في حين أنه لا توجد حاليًا أي بيانات عن مؤشر جيني في نيجيريا 
فإن المقياس المعياري لعدم المساواة ومؤشرات عدم المساواة المتزايدة من الممكن مشاهدتها في كل مكان.
 الشباب الهائج يقوم بتدمير خطوط أنابيب البترول في منطقة دلتا نهر النيجر الغنية بالبترول، وتقوم بوكو حرام بارتكاب أعمال وحشية مع تواجد الخاطفين من أجل الحصول على الفدية في الجنوب الشرقي، وأيضًا تواجد الباعة المتجولين الذين يأملون في الاستمتاع بالنمو الاقتصادي ولكنهم لا يمتلكون فرص شرعية لتحقيق أحلامهم.

  وقد انضم عمّال القطاع العام مؤخرًا إلى وطأة النزاع محتجين علي عدم دفع الرواتب والأرباح والمعاشات الخاصة بهم لمدة شهور.فحينما يستقل هؤلاء العمال الحافلات المزدحمة المتهالكة للعمل كل صباح، فإنهم يمرون بجوار القصور العملاقة والسيارات الفاخرة الخاصة بكبار مسؤولي الحكومة المسؤولين عن عدم دفع رواتبهم مما يزيد من مشاعر الغضب ويعمق إحساس الحرمان، وهذا ليس فقط يضعف معنوياتهم ولكنه يقلل أيضا من قدرتهم الإنتاجية ويضر بالنمو الاقتصادي. 

  لم تتحسن هذه المشكلات بمجرد إظهارها حيث لم تعد الشركة الوطنية النيجيرية للبترول قادرة علي تحمل اثنان مليار دولار من عائدات النفط العام الماضي.
يمكننا أيضًا إضافة أن رغبة النيجيريون في نمو اقتصادي شامل قد لعبت دورًا كبيرًا في سقوط حكومة الرئيس (جودلك جونثون) وفي هذا إشارة إلى أول هزيمة للرئيس على يد مرشح معارض في التاريخ السياسي النيجيري المتقلب.

توقف عمل الحكومة الجديدة :-

  بعدما تولت حكومة جديدة السلطة في نيجيريا فمن الضروري أن يشكّل إصلاح النمو الاقتصادي الشامل أول اولوياتها، وقد تعهد الرئيس الجديد على محاربة الفساد والذي يعتقد الكثير من الناس أنه هو العامل الرئيسي في كافة المشكلات. ولكن نقص النمو الشامل ليس مرتبط فقط بالفساد وانما تلعب الطريقة التي تأسس عليها الاقتصاد النيجيري دورًا كبيرًا في هذا النقص من حيث المساهمة في الإنتاج والتجارة والدخل والتوظيف، فبناء الاقتصاد يجعل من المستحيل في الواقع جعل النمو شاملًا، بغض النظر عن وجود إرادة سياسية لفعل ذلك أم لا.

  تأتي 90% من عائدات الدولة من صادرات النفط ويتم توزيع هذه العائدات على ثلاثة جهات حكومية منها الدولة الفيدرالية والمحلية وهؤلاء بدورهم يأخذون هذه الواردات لإنفاقها علي المشاريع الرأسمالية المتكررة.
تسلم الجهات الحكومية الثلاث أكثر من 70% من هذه الواردات وتقوم بإنفاقها علي النفقات الحكومية والتي يعد أكبرها أجور الخدمة المدنية مع إنفاق جزء صغيرعلي المشاريع الرئيسية والذي يتم بعثرته بعد ذلك عن طريق الفساد، خاصة التضخم والمشاريع الوهمية، ومن ثم فإنه لا توجد آليات أو قنوات في الاقتصاد لضمان أن عائدات النفط تصب في قطاع الاقتصاد الحقيقي.

 يقول النيجيريون أنه إذا لم تكن موظف في قطاع النفط أو القطاع العام أو الأعمال المصرفية (التي تدخل فيها عائدات النفط) فأنت ستظل بدون عمل أو من الممكن أن تعتمد على الخدمات الاجتماعية كالأسرة والأصدقاء والكنيسة أو الحظ.

أين ذهبت كل هذه المصانع؟
 
  أحد العوامل التي أسهمت في النمو الاقتصادي غير الشامل في نيجيريا هي الحالة السيئة لقطاع التصنيع. هذا القطاع يساعد في توظيف أكبر عدد من الشباب العاطل بنسبه تبلغ 12% فقط وقد انخفضت هذه النسبة من أصل 30% في عام 1980.حيث عملت صناعة الغزل والنسيج على توظيف مليون عامل تقريبًا في فترة قوتها ما بين عام 1970 وعام 1980، وفي الوقت الحاضر توظف هذه الصناعة حوالي عشرون ألف عامل وهذا العدد في تناقص مستمر بمرور الوقت .
بمقارنة نيجيريا مع الصين (الذي تستغرق قطاع الصناعة الحيوي فيها ملايين من الفلاحين الفقراء بأجور أعلى من قطاع الزراعة) نجد أنه من غير المدهش أن معدل الفقر في الصين يبلغ 5% بينما يبلغ في نيجيريا أكثر من 70%.

شبكات أمان ثم محركات النمو:-

  ومما أدى إلى تفاقم الوضع هو عدم وجود شبكات أمان للفقراء، حيث تعد نيجيريا أحد دول العالم القليلة الغنية بالبترول والتي لا تحتوي على شبكات آمنة. حتي الدول الفقيرة مثل ليبريا وسيراليون ومالي وجمهورية بنين وليسوتو وملاوي لديهم شبكات أمان. إنه من غير الضروري أن تكوّن منح صريحة، فعلى سبيل المثال توجد السياسة الصينية والتي تتضمن توظيف الفقراء في العمل في مشاريع عامة مقابل الطعام وبعض الحاجات الضرورية الأخرى.

   الفقر وعدم المساواة في نيجيريا لا يمكن حله بين عشية وضحاها، ولا يمكن للإجراءات التي تتخذ ضد الفساد أن تعزز النمو الاقتصادي الشامل وحدها، ولكن هذا يتطلب تنمية محركات جديدة للنمو والتي تسخّر إمدادات الدولة الوفيرة من أجل الموارد البشرية.
 
  إن بناء قطاع النفط والغاز في الدولة والطريقة التي يتم بها تدويرعائدات النفط تزيد من تفاقم عدم المساواة، ولكن تطوير محركات غير نفطية للنمو سوف يحقق الوقت والمثابرة وسياسات اقتصادية جيدة.
 في نفس الوقت، يوجد حاجه شديدة لشبكات أمان لتضيف قيمة للاقتصاد وأيضًا سوف تساعد في إغاثة الملايين من النيجيريين الفقراء.
 

الرابط مصدر المقال

Mona Abo Al Nasr

Mona Abo Al Nasr

مترجمين المقال