ما هي "الحركة المضادة" للتعبئة والتغليف؟

إن إعادة التدوير أمر حسن ولكن بعض أصحاب المتاجر يحاولون القضاء على المخلفات تماماً
بقلم: آيمي بال         بتاريخ: 14 مارس 2016
في متجر (Original Unerpackt) الموجود في مدينة كروزبيرج – المجاورة لبرلين – والتي في طور التحسن يذهب الزبائن بكثرة على دراجاتهم .. حاملين شباك لحمل الطعام وأجولة من الخيش، وعلى طول السور الأنيق المنظم تركوا الحبيبات والجوز والبقوليات تتدفق لتسقط من الصناديق في البرطمانات والعلب الصفيحية التي أحضروها معهم .. في الإناء بصلي الشكل يقومون بتحضير زيت الزيتون والخل البلسمي وصوص الصويا ،بإمكان المتسوق أن يحصل على عينة من التمر ولكن ستبدو عليه علامات الحيرة لأنه لا يعرف ماذا يفعل بالنواة !.. لا يوجد مناديل ورقية ولا صناديق قمامة, على كل فالمشتري يتسوق من متجر ملتزم بمبدأ (بدون مخلفات).

المتجر من تصميم المهندس المعماري المقيم في ولاية (لوس أجلوس ) الأمريكية (مايكل ج.براون) تلميذ (دانيال ليبسكيند), تصميم المتجر أملس بشكل واضح ويعتبر مظهر حديث (للتدوير المسبق ) .. وهومبدأ التخلص من المخلفات قبل ظهورها أصلاً ..فإذا لم تستخدم البلاستيك أو الورق أو المعادن في البداية فلن تضطر إلى التخلص منها فيما بعد.

في متاجر (لونزر) في (فيينا) حتى البضائع المتواضعة يتم تقديمها باهتمام
مر عشرون عاماً على بداية الحملة التعريفية للتدوير المسبق بواسطة (وكالة حماية البيئة ) ولكن الفكرة لم تنتشر بقوة في صفوف الأمريكيين، الآن جيل جديد من أصحاب المتاجر –الأوروبيون على الأكثر- المثقفون وأصحاب الفكر الأخلاقي يحاولون تغيير طريقة تسوقنا عن طريق تقديم المتجر كمساحة منظمة بعناية، في عصر نتوقع فيه سوياً وتربكنا كمية الاختيارات الضخمة في محلات البقالة، هذا الصنف من المعكرونة المصنعة من الحبوب الكاملة أم ذاك ؟! .. هذه المحلات تعرض بتحد أشياء من الطراز القديم، بديل واحد أواثنين تم اختيارهم بعناية عن طريق شخص موثوق به.

تقول (أندريا لونزر ) :"يوجد نوع واحد من الأرز في متجري" متحدثة عن متجرها المسمى (Viennese ) وتكمل (أندريا) :لا يوجد عندي أنواع من الارز تتعارك مع بعضها البعض، فقد قمت بالاختيار لكم .. لهذا يسمى متجر لونزر".

قامت (لونزر) بتعيين نجار ليجعل المتجر باللونين الأبيض والأسود ليكون بنفس مستوى (Cecil Beaton's Ascot Gavotte) بأخشاب غامقة اللون وحوائط لامعة وأسطح من الرخام والأحجار .. ومصممتها لشابة (كاثرينا دانكل) لتساعد في تصميم تجربة المتسوق، تقول كاثرينا دانكل:"لقد كنا في حاجة إلى أناقة مرحبة ، فكما تعلم هذه هي الطريقة الجديدة التي يجب عليك أن تتسوق بها إذا كنت من المهتمين بالبيئة"، وأضافت (كاثرينا) :"المهمة  كانت أن نصل إلى شيء عرفته جداتنا تماماً ،وهو علاقة شخصية تربطك بالمتجر، ولكن بجعلها معاصرة، مكان تدلل فيه نفسك وفي نفس الوقت تقوم باتخاذ قرارات واعية".

عندما افتتح (ايبان الفارو) و(جوديت فيدال) متجرهم الأول في سلسلة المطاعم المكونة من اثني عشر فرع في اسبانيا والتي تحمل اسم (Garnel) وهي الترجمة الاسبانية لكلمة (ضخم)، خلفيتها عن التصميم الديكوري وخلفيته عن الهندسة المعمارية ساعدتا في ابتكار شكل جديد للتسوق الكمي، علب الكراميل وحبوب الكينوا وطريقة رص الزيتون والعسل في مستوى البصر جعل هذه السلع تعلن عن نفسها، شكلها وألوانها الحقيقية حلت محل الصور الفوتوغرافية على العلب، والسلالم سمحت للمتسوقين من صغار السن بالمشاركة بينما يقوم البالغون بتقدير الأوزان والمقادير ليتمكنوا من شراء ما يحتاجونه بالضبط من الخزائن المصنعة من الخشب الشاحب تحت المصابيح الصناعية المطلية بالمساحيق.

وهناك أيضاً (جيرارد بيليه ) الذي أنشأ شركة متخصصة في التدوير المسبق للسلع السائلة، شركة (جون بوتي) الموجودة في بعض متاجر الخضروات العضوية في بلجيكا وفرنسا تسمح للمتسوقين بصب الخل والنبيذ والمنظفات من أنابيب لامعة من الصلب في زجاجات معاد استخدامها عليها قطعة من الحرير قام بتصميمها خطاطفي (ليل :Lille) : يقوم الزبائن بإيداع مبلغ صغير نظير الزجاجات وعندما يتم إرجاعها يتم تنظيفها وإعادة تدويرها.

"لا يمكنك قتل الزجاجة" يقول (بيليه ) الذي يتمنى أن يقدم طريقة تدوير مسبق جديدة لشراء الصودا والجعة أيضاً، ويكمل بيليه "الطريقة الوحيدة إذا انكسرت الزجاجة" ..

التدوير المسبق يقدم لنا جائزة ثانوية أيضاً، فهو يجعلنا نعيد رؤية ما ننظر إليه ..معظم العبوات تخفي البضاعة الجيدة، ولكن في متاجر (يوم بيوم : Day by Day) الفرنسية لا يوجد إخفاء لجمال وروعة الألوان الخضراء والذهبي لزيت الزيتون المصبوب من زجاجة التقطير المنتفخة، لا يوجد شيء ذو طابع هيبي في سلسلة محلاتهم المكونة من تسع متاجر، بعضها يشبه (كاندي لاند: Candyland) في ألوانها الأساسية تحت الزجاج المتحرك الراقص، والبعض الآخر أبيض بشكل رهباني!

إن طريقة التفكير الجديدة في التسوق هذه تتطلب بعض الضبط، صاحبتا متاجر (Original Unerpackt) الأصلية (ميلينا جليمبوفسكي) و(سارة وولف) يجب أن يشرحوا دائماً أن علب الحبوب البيضاء الصغيرة بها معجون أسنان قابل للمضغ ,بدون أنبوب وبدون علبة من الورق المقوى, أوأن (أكواب القمر: mooncups) والتي لها بالفعل قاعدة كبيرة من المعجبين الشغوفين هي بدائل حشو مصنوع من مادة السيليكون الطبي .. ولكنهم كباقي أصحاب المحلات المشابهة يقولون أن الحجم والشكل والتناسق لأي منتج يمكن عملياً أن يتم تعديلها لتناسب نموذج (صفر- مخلفات) أو(بدون مخلفات).

في مواقع (Effecorta) في إيطاليا والتي تعني (السلسلة القصيرة) وهي عبارة عن ممر في المتاجر الكبيرة يستخدم الزبائن قفازات بلاستيكية قابلة للرمي للامساك (بالمعكرونة الاسباجيتي) من وعاء زجاجي مقبب ،أو يقومون بغرف أشكال أصغر باستخدام المغارف.

إعادة التفكير وإعادة ابتكار السلع لتتناسب مع مصلحة البيئة يتطلب تعاون المصنعين والمستهلكين على حد سواء، الأمريكيين مثل ( Felix Unger  ) لاقتصاد التجزئة ، مع سمعة شديدة الحساسية، لهذا العديد من المنتجات تعبأ وتقلص مع لفها في طبقات للحماية ..
"لم يقم أحد بلمس حبوب القهوة هذه منذ أن زرعها (خوان فالديز)"، لم نكن دائماً شديدي الحساسية فقد اعتدنا شراء المخللات والمقرمشات وحتى المسامير الزهيدة من الصناديق مباشرةً، محلات البقالة الكبيرة مثل (بيج فارما) تجادل قائلة إن التعبئة والتغليف يمثلان الأمان في القرن الواحد والعشرين وأن التدوير المسبق هو أمر غير عملي على النطاق الواسع، يقول أصحاب المحلات الأوروبيون: " إن هذا غير صحيح "، فإن متاجرهم تقوم بتحديث للنهج الأمريكي القديم (cracker-barrel)، حيث يجعلون النظافة أولوية بالنسبة لهم.

هل أمريكا جاهزة ؟ ..إن ولاية دنفر على وشك أن تعرف متى تصل إلى (Zero market) التي شاركت في تأسيسه (ليندزي ماندرسن) وهي معلمة علوم في المدرسة الثانوية، والتي سيكون متجرها الجديد في هنجر طيران قديم، وسوف يشبه صيدلية حديثة .. الحوائط ستكون مغطاة بخشب الحظائر المستصلح، المصقول والمشمع، وسيكون به سلالم دائرية للوصول إلى الرفوف العلوية، سيكون التسوق جولة ممتعة أفضل من الكدح بحثًا عما تريد، البرطمانات المصنوعة من الكهرمان والزجاج الصافي ستكون مدهونة بحيث تكون المكونات واضحة وجذابة، تقول (ماندرسن):"نحن نطلب من الناس أن يتمهلوا عندما يأتوا إلى متجرنا.. وأن يأخذوا وقتهم بالكامل لمعرفة ما يحتاجونه"، وأضافت أيضاً "وسوف يكون لدينا متعقب يمكن الناس من رؤية كمية الأغلفة والعبوات التي تم تحويلها إلى مكب النفايات".
 
والآن، متى تنضم بروكلين أيضاً؟!

الرابط مصدر المقال

باهر بركة

باهر بركة

مترجمين المقال